?>

الصياغة الفضية جزء من التراث الوطني

journal 2 ouammou

الصياغة الفضية جزء من التراث الوطني

يجب حمايتها والعناية بها

يشغل قطاع الصناعة التقليدية أزيد من ثلاثة آلاف صانع تقليدي بإقليم تيزنيت. ويمثل ممتهنو الصياغة لوحدهم ثلث الصناع التقليديين بالإقليم، بحيث تحظى حرفة الصياغة بالإقبال، ويضرب المثل بصفائها في المعاملة وبدقتها في الإبداع. ويجسد فيها الصناع مهاراتهم وإبداعاتهم ويحولونها من مادة خام إلى أواني وحلي. لكن مهنيي القطاع يعانون من صعوبات وإكراهات جمة أهمها نذرة المادة الخام التي لا تصلهم منها الكمية الكافية للإنتاج لكي يستطيعوا توجيه اهتماماتهم الأساسية للإبتكار والابداع والخلق وتحسين جودة المنتوج.

يتميز إقليم تيزنيت منذ العصور القديمة بكونه مهد الصناعة التقليدية الإنتاجية وخصوصا قطاع الفضة، حيث تنتشر الصياغة ببوادي الإقليم وبمدنها ، ويمتهنها الصغار والكبار على حد سواء، مع إنفراد مدينة تيزنيت بكونها عاصمة الفضة ببلادنا تحافظ عبر هذه الميزة على تقنيات متوارثة أبا عن جد.

وتعتبر هذه الحرفة المورد الأساسي للدخل لدى العديد من الأسر القروية بجبال الأطلس الصغير وبمدينة تيزنيت مركز الاقليم، حيث تشغل هذه الحرفة أزيد من600 صانع، يشغل كل منهم من 0 إلى 5 متعلمين وضمنهم متخرجون من مركز التكوين المهني في حرفة الصناعة التقليدية بشعبة الصياغة، والمقدر عددهم بحوالي 300 متخرج.

وتمثل نسبة العاملين بهذه الحرفة الفنية حوالي 30 % من مجموع الصناع التقليديين بالإقليم. إلا أن الإشكال الأساسي بالنسبة لقطاع صياغة الفضة هو نذرة مادة الفضة كمادة أولية وأساسية، وهذا يطرح أكثر من إشكال، ففي غياب نقط بيع معتمدة ومرخصة لها يتم ترويج مادة الفضة بطرق غير قانونية، مما يجعل قيمتها ترتفع أضعاف ثمنها الحقيقي وتجعل الحرفيين عرضة لمضاربات السوق السوداء.

والأدهى من ذلك كله هو لجوء الصناع التقليدين من الصياغين عند انعدام المادة الخام أو قلتها أو في غياب التزويد العادي للسوق بالمادة الخام إلى عملية تذويب المنتوجات الفضية القديمة ذات القيمة التراثية الناذرة وخصوصا منها المرتبطة بالعملات الحسنية والعزيزية قصد تحويلها إلى منتوجات جديدة وعصرية. ولا تخفي خطورة هذه العملية لكونها تستنزف الموروث الحضاري والأصالة في الإخراج ومصدر الإلهام لدى الصناع.

ومن أجل التغلب على هذا الإشكال وتحسيس الصناع المعنيين بأهمية الحفاظ على هذا الموروث التراثي الذي يجسد الأصالة والعمق التاريخي للمنطقة، تعززت صفوف الصناع التقليدين بتأسيس تعاونيات حرفية وصل عددها بإقليم تيزنيت إلى تعاونيتين مهنيتين مختصتين بجانب تعاونيات و جمعيات مهنية أخرى تهتم بقطاع الصناعة التقليدية الانتاجية بالأساس، ومن أهدافها الأساسية توفير المادة الأولية للصناع التقليدين الممارسين لحرفة الصياغة والدباغة أساسا.

إن طرح هذا الإشكال الرئيسي من طرف المهنيين يستند بالأساس إلى أهمية قطاع الصناعة التقليدية كمشغل أساسي بالمنطقة، حيث تعد صياغة الفضة التي يبلغ عدد العاملين بها ما يفوق 350 صائغا أهم حرفة باقليم تيزنيت، كما أن المهنيين يعتبرون هذا المشكل على مر العقود العائق الرئيسي أمام كل تنمية هادفة لهذا القطاع الحيوي بالمنطقة.

 

فالانتاج الوطني من هذه المادة يقدر بحوالي 300 طن سنويا، غير أن السوق المحلية لا تتوصل إلا بالجزء اليسير الذي لا يتعدى حتى 100 كيلوغرام مخصصة حسب معطيات وزارة الطاقة والمعادن للأنشطة المعدنية، في حين ينتج فرع الصياغة ببلادنا حوالي 20 طن من الفضة المصوغة، مما يفسح المجال أمام السوق الغير المنظمة لتغطية العجز. بحيث يؤدي الخصاص في المادة الخام إلى اضطراب في الأسعار ليتراوح ثمن الغرام الواحد حسب معطيات المديرية الاقليمية للصناعة التقليدية بتيزنيت ما بين 1,40 و 1,70 درهم في السوق السوداء. وقد ارتفع سعر الفضة الخام إلى 4,00 دراهم للغرام خلال عقد الثمانينات في السوق الغير المنظمة مقارنة مع ثمنها الرسمي في السوق والذي لا يتعدى 1,60 درهم.

وقد تم تحديد حاجيات الحرفيين بالمنطقة من مادة الفضة في 300 كلغ شهريا كمعدل، أملا من المهنيين في أن يحظى هذا القطاع بالتنظيم المحكم والتوزيع لفائدة التعاونيات المهنية لكي تتوصل الوحدات الإنتاجية بحصتها الكافية، حتى يتفرغ الحرفيون للإبتكار والإبداع والجودة وتنويع الإنتاج في مواجهة المنافسة الشرسة للمنتوج الخارجي الذي يعتمد المكننة رغم كونه يضم فقط 40 % من الفضة عكس نظيره المحلي الذي تصل نسبة الفضة فيه إلى 90 %.

إن مساهمة القطاعات الوزارية المعنية ومنها على الخصوص وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بجانب وزارة الطاقة والمعادن في تسهيل حصول الصانع الصائغ على المادة الخام من الفضة لم شأنه أن يعزز ثقة الصناع التقليديين في المؤسسات مع العلم أن مهنيي المنطقة يطالبون بإحداث نقط بيع معتمدة لهذه المادة تكون في متناول هذا القطاع وتعاونياته الحرفية والعاملين فيه.

ولا تخفى خطورة الوضع الحالي على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للعاملين في القطاع وعلى استقرار أسعار المادة الخام والمنتوج من جهة وعلى الموارد المالية للدولة التي لا تتحكم في السوق السوداء من جهة أخرى.

وحسب مهنيين منخرطين في تعاونية الصفاء للصياغين فإن توفير المادة الأولية للصناع بانتظام يهم شريحة كبيرة من سكان تيزنيت بصفة خاصة والصياغين التقليديين ببلادنا بصفة عامة، مع العلم أن توفير كيلو واحد من الفضة الخام المخصصة للصياغة الداخلية يساوي خلق منصب شغل قار بالقطاع.

والجدير بالذكر أن رهان التشغيل بجانب رهان 10 مليون سائح في أفق 2010 لن يتسنى لنا ربحه دون الدعم الكافي والقوي لقطاع الصناعة التقليدية بالمغرب، ومن ضمنه قطاع صياغة الفضة الذي يعيش حاليا منافسة شرسة وقوية من المنتوج الخارجي.

مع العلم أن “تزرزيت” شعار مدينة تيزنيت ورمزالصناعة التقليدية بالمنطقة قد ساهمت بشكل كبير في تعزيز صورة المنطقة كمنتوج سياحي منفرد بجانب المداخيل التي تدرها الحرفة على صعيد المدينة التي تتوفر على قيساريات مركزية بساحة المشور بجانب مجمع للصناعة التقليدية وثمانية فضاءات أخرى موجهة للسياحة الداخلية والخارجية.

عبد اللطيف أعمو

مستشار برلماني

رئيس المجلس البلدي لمدينة تيزنيت

مقال صدر بجريدة “بيان اليوم”الأربعاء 22 مارس 2006ص 9

 









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012