مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات
عقد مجلس المستشارين جلسة عمومية لمناقشة عرض السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات الذي قدمه يوم الأربعاء 21 ماي 2014 خلال الجلسة المشتركة التي عقدها البرلمان بمجلسيه، وذلك يوم الاثنين 23 يونيو 2014 ابتداء من الساعة الرابعة بعد الزوال، حيث ناقشت الفرق البرلمانية وأعضاء الحكومة عرض السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، عملا بمقتضيات الفصل 279 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، في فقرته الأخيرة، والتي تنص على أن مجلس المستشارين يعقد جلسة عمومية لمناقشة العرض الذي قدمه السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول أعمال المجلس.
وتفعيلا لمقررات الاجتماع التشاوري المشترك بين رؤساء الفرق في مجلسي البرلمان، وندوة الرؤساء المنعقدة بمجلس المستشارين في 10 يونيو 2014. وبعد مداولة مكتب المجلس، تقرر تخصيص مدة 90 دقيقة لجلسة مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات، موزعة على الفرق والجموعات البرلمانية، حسب الجدول الذي تم التوافق بشأنه خلال انعقاد ندوة الرؤساء ليوم 17 يونو 2014. كما تم الاتفاق على أن يتناول أعضاء الحكومة كذلك الكلمة بنفس الحصة الزمنية المخصصة للفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين.
وقد خصصت سبع دقائق لمداخلة فريق التحالف الاشتراكي تولى تقديمها المستشار عبد اللطيف أعمو.
وتوسيعا للفائدة، نورد أسفله نص المداخلة كاملا، نظرا لضيق الحيز الزمني المخصص لتلاوتها بالكامل.
مداخلة فريق التحالف الاشتراكي
بمجلس المستشارين
في مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات
الإثنين 23 يونيو 2014
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيد الرئيس،
يطيب لي، باسم فريق التحالف الاشتراكي أن أبدي بعض الآراء والملاحظات بمناسبة تقديم تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ولأول مرة أمام البرلمان. ولن أتوقف على كل القطاعات الواردة في التقرير، بل سأقدم بعض المقترحات حول بعض منها.
إن فريقنا يعتبر حضور الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان لتقديم تقريره السنوي- تفعيلا لأحكام الدستور- يعد حدثا له مغزى ودلالة، يهمنا أن نشدد عليه ونرسخه كتقليد برلماني لتطوير الحكامة البرلمانية.
هذا المغزى والدلالة يتجلى في أهمية الاختصاصات المخولة للمحاكم المالية والآمال المعلقة عليها في مجال مراقبة الميزانية وصرف المال العام وإبداع آليات جديدة وفعالة لحكامة جيدة في تدبير المالية العمومية.
ومن هذا المنطلق يعتبر المجلس الأعلى للحسابات مساعدا وناصحا ورفيقا للبرلمان في مساعدته في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة والجواب على الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالسياسات العمومية، وبالخصوص ماله صلة بالمالية العامة.
فهل تستطيع هذه المؤسسة فعلا المساهمة في محاربة الجرائم المالية وردع العبث في السياسات العمومية؟ وهل تملك من الآليات المالية والفعلية لحماية المال العام؟ إنها أسئلة ضخمة ستظل مطروحة على الدوام، باعتبار أن حماية المال العام تعتبر في صلب التدبير الحكومي ومن أهمية العمل الحكومي، على اعتبار أن تعزيز الرقابة القضائية التي تضطلع بها المحاكم المالية تتطلب الاستمرار في إعادة النظر في دور مهام المجلس الأعلى للحسابات، إحدى الركائز الأساسية لإقرار مبادئ الحكامة السياسية والمالية والتدبيرية.
إن الدستور الجديد فسح المجال واسعا لتطوير الدور الرقابي للبرلمان وتدبير المالية العامة، معتمدا في ذلك على الدعامة القوية التي ينتظرها بشكل مباشر من المجلس الأعلى للحسابات، كهيئة دستورية تساعد البرلمان في أداء وظيفته التمثيلية الديمقراطية التي تجعل منه الهيئة الرقابية الرئيسية على عمل الحكومة، خاصة في مجال التدبير المالي.
وانطلاقا مما تقدم، وبحكم المجهود الجبار الذي بذل خلال السنوات الأخيرة من طرف المجلس الأعلى للحسابات والتجاوب القوي الذي تلقاه من مختلف الأوساط من المجتمع، وفي مقدمتها البرلمان، اسمحوا لي أن أبدي بعض الملاحظات:
1 – إن البرلمان مدعو لأخذ تقارير المجلس الأعلى بشكل حازم وفعال، وقد ظهرت بوادر هذا الحزم خلال الفترة الأخيرة، خاصة من خلال بعض مبادرات الغرفة الأولى، وهذا ما يتطلب خلق لجنة برلمانية مختلطة بين الغرفتين لتتبع تقارير المجلس الأعلى للحسابات؛
2 – على مجلس المستشارين أن يجيب تشريعيا في إطار اتخاذ التدابير التشريعية لتطوير أداء الجماعات الترابية وتحسين أدائها، انطلاقا من الملاحظات العديدة التي ما فتئت المجالس الجهوية للحسابات تسجلها؛
3 – تعزيز عمل المجلس الأعلى للحسابات بمساءلة المؤسسات والهيئات والإدارات التي تعرف اختلالات، والتفكير جديا في خلق هيئة ذات طابع استباقي تناط بها مهمة الإنذار المبكر كلما أحست بأن مؤسسة ما قد تعرف انحرافا أو خللا للتمكن من التصدي قبل الاستفحال، كما حصل في حالة المكتب الوطني للماء والكهرباء حاليا وصندوق المقاصة، لأنه لو كانت هذه الآليات موجودة ومفعلة لنبهت إلى الانعكاسات والإجراءات التي اتخذت في سنة 2014 لإصلاح صندوق التقاعد، وكذلك في سنة 2005 الخاصة بالمغادرة الطوعية؛
4 – الاعتماد على ما جاء في التقرير بشأن تدبير المالية العمومية لإغناء مشروع القانون التنظيمي للمالية الذي نناقشه حاليا.
5 – التأكيد على ضرورة ربط المديونية بتمويل الاستثمار بالمالية العمومية و توجيه الدين الخارجي للاستثمار الذي تتولد عنه فوائد كافية لتغطية فوائد الدين واستخدامه والحيلولة دون استخدام المديونية لحاجيات التسيير؛
6 – وضع آليات لتدبير المخاطر و التنبيه لما يقترف من أخطاء في تقييم المخاطر و ما يترتب عنه من إهدار للمال العام كما حصل في تقييم خطر ارتفاع ثمن برميل البترول، أدت ميزانية الدولة الثمن غاليا عنه؛
ونفس الشيء يمكن أن يحصل على الخط الائتماني لصندوق النقد الدولي، الذي مازالت المعلومات في شأنه و توظيفه ناقصة، إن لم نقل منعدمة و لايجوز أن ننتظر المفاجآت في مثل هذه القضايا الخطيرة؛
7– ضرورة الانكباب على واقع التكوين في بلادنا و القيام بالتقييم الموضوعي لحصيلة مكتب التكوين المهني و التطرق بنجاعة هذا التكوين وفعالية سياسة الحكومة المتبعة في هذا المجال بالارتباط مع سياسة التشغيل؛
8– الاعتماد على ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات المتعلقة بالميزانية العامة من أجل تجنب “اللاميزانية ” والمطالبة بإقرار المصادقة على ميزانيات بعض المؤسسات العمومية كصندوق الحسن الثاني للاستمرار، ومراقبة عدد من مؤسسات الدولة، كالوكالات والمكاتب التابعة للدولة.
9– وأخيرا التأكيد على الأخذ بما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات بإصلاح منظومة التقاعد.
وفيما يتعلق بالجماعات الترابية نسجل بارتياح كبير وتيرة تصاعد التقارير التي تنتجها المجالس الجهوية للحسابات في كل الجهات، لا من حيث النوع ولا من حيث الكم، وذلك بهدف تقييم تدبير مختلف هذه الجماعات، حتى النائية منها و الوقوف على الإكراهات والنقائص التي تعاني منها.
هذا التحول النوعي يسجل مسألة الحكامة في قلب مشروع عصرنة الجماعات الترابية، و سيترتب عنه أسلوب جديد في تدبير الشؤون المحلية و يسير في اتجاه تحقيق الأهداف السياسية المرتبطة بتعزيز ديمقراطية القرب و تحسين نظام التمثيل ومشاركة المواطنين في تدبير الشأن العام ومعها الأهداف السوسيو اقتصادية الرامية إلى تطوير المجال الترابي وتهيئة وتقوية قدرات تدخل المؤسسة المحلية في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بهدف تقليص الفوارق بين الجهات.
ولا يمكن بلوغ هذه الأهداف إلا عبر مراجعة الجبايات المحلية و إنجاز إصلاح ضريبي يهدف إلى جعل المنظومة الضريبية المغربية أكثر إنصافا، خدمة للإقلاع الاقتصادي والتضامن والتماسك الاجتماعي في إطار مقاربة تشاركية وتشاورية مع مختلف الفاعلين المعنيين، مع إشراك أكبر المنتخبين في إيجاد الحلول للمشاكل على المستوى المحلي.
وفي هذا الإطار، فإنه لا يكفي تسجيل النقص في بلورة الرؤية الاستراتيجية لدى الجماعات الترابية، كما أكد التقرير على ذلك، ولا تسجيل ضعف الحكامة المالية والحكامة الإدارية والمرتبط بوضعية الموارد البشرية، التي لم تستقم بعد، والاختلال في تدبير التجهيزات في المرافق العمومية، بل هناك جوانب أخرى لها ارتباط بتصور مفهوم الجماعة الترابية من منظور الدستور الجديد، وتتجلى في عدة اختلالات تتعلق بدور الدولة، نذكر منها:
1– غياب العدل بين الجماعات المحلية من طرف الإدارة المركزية الوصية؛
2– تعقيد المساطر الإدارية وهول مفهوم الوصاية الذي أصبح متشعبا يمارس في عدة مجالات القبلية والبعدية،
3– انعدام العدل في توزيع حصة الجماعات من الضريبة على القيمة المضافة؛
4– ظهور هيمنة وثقل مشاكل المدن الكبرى على حساب بقية المدن والمجالات، خاصة القروية؛
5– عدم تنفيذ الشركاء العموميين لالتزاماتهم في المخططات الجماعية للتنمية؛
6– عدم تشجيع أو محاصرة شركات التنمية المحلية بين الجماعات المحلية والقطاع الخاص؛
7– ضعف التلقائية بين مختلف المتدخلين في المجال المالي للجماعة (الآمرين بالصرف، القباض، الإدارة الوصية)
هذا جزء من الإشكاليات الكبرى، التي تتجنب تقارير المجالس الجهوية للحسابات التطرق إليها والخوض فيها.
وفي هذا الصدد، فإن على مجلس المستشارين، باعتبار طبيعته وسر وجوده في دولة عصرية تتبنى مشروع الجهوية، والذي يعتبر امتدادا للجماعات الترابية أن يبادر في مجال التشريع – على غرار ما تقوم بعض المؤسسات المماثلة في دول أخرى- إلى إقرار قوانين تحصن القدرات الذاتية للجماعات المحلية، وتعطي للمنتخب موقعا يخوله اتخاذ القرار السياسي مع جعل مبدأ الملاءمة الموضوعية حاضرا عند اتخاذ القرار ووضع نظام خاص للساهرين على الجماعات الترابية من منتخبين وأطر وإداريي الجماعات، يمكنهم من التفاعل حول بناء مشروع محلي قوي متناغم داخل الدائرة الترابية الجهوية والوطنية، وذلك لأن التنمية الشاملة للبلاد مرتبطة بدرجات التقدم المنجز على مستوى الجماعات الترابية، ولأن كل خطوة رشيدة صغيرة في اتجاه التركيز على التنمية المحلية، هي خطوة في اتجاه نماء الوطن ويتعلق ذلك بالحكامة الجيدة والتركيز على الاستثمار وإعطاء الأولوية للمجالات التي تهم السكان.
وتظهر هنا أهمية وقوة حماية المال العام كرهان أساسي في سياق الحديث عن الإصلاحات السياسية، ومن هنا فإن تطوير وتقوية عمل المجلس الأعلى للحسابات في هذا الاتجاه هو محور تفعيل الرقابة القضائية على المالية العامة، وعلينا جميعا تعزيز دورها وتوسيع مهامها من أجل ترسيخ مبادئ الحكامة المالية.
مداخلة فريق التحالف الاشتراكي بصيغة PDF
وبعد تدخل الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين، تناول الكلمة أعضاء الحكومة حسب الترتيب التالي:
– مناقشة السيد الوزير المنتدب لدى وزير المالية لتقرير المجلس الأعلى للحسابات،
– مناقشة السيد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية لتقرير المجلس الأعلى للحسابات،
– مناقشة السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني لتقرير المجلس الأعلى للحسابات،
– مناقشة السيد وزير العدل والحريات لتقرير المجلس الأعلى للحسابات،
معطيات إضافية: عملا بمقتضيات الفصل 148 من الدستور، قام السيد إدريس جطو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات يومه الأربعاء 21 ماي 2014، بتقديم عرض حول أعمال المحاكم المالية أمام للبرلمان بغرفتيه في جلسة عامة. وقد تناول هذا العرض على الخصوص لأهم خلاصات تقارير مراقبة التدبير التي أنجزها المجلس والمجالس الجهوية للحسابات، بما فيها التقريرين الموضوعاتيين المتعلقين بإشكالية التقاعد وبمنظومة المقاصة. هذا بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى لهذه المحاكم، كمراقبة مالية الأحزاب السياسية وتلقي وتتبع التصاريح الإجبارية بالممتلكات.
عرض السيد الرئيس الأول أمام البرلمان.
ملخص التقرير السنوي برسم سنة 2012 المقدم للسيدات والساادة البرلمانيين.
أضف تعليقاً