?>

وضعية الرياضة الوطنية

Abdellatif-Ouammou-2011-03-08

في ظل الواقع المتردي الذي تعرفه رياضتنا الوطنية بمختلف أصنافها، نتيجة غياب عوامل ذاتية مرتبطة بالأزمة الهيكلية التي تعرفها الأندية الوطنية، وعوامل موضوعية كغياب قطاع وزاري وصي، نتج عنه ارتباك وارتجال في التعاطي مع الشأن الرياضي، ومع متطلبات التأهيل، والانتقال من الهواية إلى الاحتراف في قطاع أصبح يلعب دورا حيويا في اقتصاديات العالم.

هذا الموضوع كان محور سؤال شفوي للنقيب عبد اللطيف أعمو رئيس فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين، الذي وقف على ما يعرفه هذا القطاع من تردي وتراجع في مستوى عطاءاته ونتائجه في الملتقيات الدولية والقارية، أخرها ألعاب حوض البحر الأبيض المتوسط والتي احتلت فيها بلادنا المراتب الأخيرة رفقة بعض الدول الصغيرة أمثال قبرص وصقيلية وسان ماران والبوسنة بعيدا عن منافسيها من الدول المغاربية.

وذكر أعمو أنه على الرغم من بعض النتائج المشجعة على مستوى ألعاب القوى بهذه التظاهرة المتوسطية فالشجرة الواحدة لا يمكن أن تغطي الغابة وبالتالي، يضيف أعمو، علينا الاعتراف بتدني مستوى رياضتنا الوطنية على العموم.

مؤكدا على أن الارتجال على مستوى هياكل الرياضة الوطنية على العموم، وانعدام سياسة واضحة المعالم لتكوين النخب الرياضية وانغماس الجامعات الوطنية والعصب والنوادي في التصدي للمشاكل اليومية الآنية بوسائل وآليات ضعيفة وغير ملائمة، كلها كانت عناصر وراء هذا التراجع البين لمستوى رياضتنا بالمحافل الدولية، رغم أن بلادنا تزخر بالكفاءات والمؤهلات وتختزن الطاقات القادرة على حمل مشعل النهوض بهذا القطاع الحيوي والإستراتيجي، إن توفرت لها الوسائل والأجواء الملائمة.

وبعد أن أعطى مثالا على ذلك ما حققه الفريق الوطني الأول لكرة القدم في نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة بتونس، والنتائج الجيدة لفريق الشباب في كأس العالم للشباب الذي نظم بهولندا، أوضح عبد اللطيف أعمو أن ذلك لا يكفي، حيث أنه لا يمكن تصور محاسبة رياضينا وهم في غالب الأحيان لا يستطيعون الاعتماد إلا على إنجازاتهم الفردية وحماسهم الشخصي واستماتاتهم في الدفاع عن القميص الوطني لتحقيق النتائج، في غياب دعم حقيقي ممنهج ومبرمج من طرف المؤسسات الوطنية القائمة على الشؤون الرياضة، وفي ظل غياب قطاع وزاري وصي يمكن لومه أو محاسبته. وذكر عبد اللطيف أعمو، في سياق سؤاله، بالدور الذي أصبح للرياضة كصناعة في مجال الترفيه والفرجة.

فبالإضافة إلى أن تنظيم الأحداث الرياضية يمكنها خلق فرصة عمل وتوفير مهارات حياتية للأفراد، بجانب الرفع من معنويات الشعوب، لكنها ظلت حسب رئيس فريق التحالف الاشتراكي ولمدة طويلة خارج اهتمامات الاقتصاد، في حين أن الدراسات الحديثة أثبتت أنه إلى جانب صلتها بالترفيه والفرجة فاتصالها بالقيم الاستهلاكية وبالإنتاج الفردي والجماعي وثيق.

فهي تدخل في إطار الدورة الاقتصادية سواء باعتبارها منتجا أو شريكا للإنتاج أو كقيمة مضافة. كما أن الاحتفاء بسنة 2005 كسنة دولية للرياضة والتربية البدنية، واختيار المغرب كأول محطة لزيارة وفد مكتب الأمم المتحدة المسؤول عن السنة الدولية للرياضة والتربية البدنية لفاس خلال شهر فبراير الماضي، هو برأي أعمو تأكيد على أدوارها الاجتماعية والنفسية.

فالرياضة والتربية البدنية تلعبان دورا هاما في التنمية البشرية. وهما حسب رئيس فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين تهتمان بالمشاركة والاندماج والإحساس بالانتماء، وتعززان قيم السلم والتسامح بين الشعوب والأفراد ونقصان الفوارق الثقافية والعرقية، مضيفا أن التربية البدنية مؤشر أساسي وحيوي لنوعية التعليم، فهي تنمي المهارات والقيم الإيجابية لدى الأطفال والشباب وتجعل المدرسة أكثر من جاذبية وتقلص من نسبة الرسوب والانقطاع عن الدراسة.

وعلى مستوى تعزيز الثقة والاندماج الاجتماعي بجانب المنافع الصحية، تساهم في خفض معدل الوفيات بين الأطفال وتحسين صحة الأمهات.

وعلى مستوى السلوكي أورد عبد اللطيف أعمو أن الرياضة توفر الأرضية لتعلم الانضباط والثقة في النفس وروح القيادة وتنشر مبادئ أساسية ضرورية للديمقراطية كالتسامح والتعاون والاحترام. كما تعلم الإنسان القيم الأساسية لتقبل الهزيمة والانتصار، وتوفر على مستوى العلاقات الدولية فرصا ثمينة للشركات المبتكرة في مجال التنمية والتجارة الدولية، يمكن استخدامها كوسيلة لبناء وتبني شركات بين الدول النامية والمتقدمة سعيا للوصول لتحقيق أهداف الألفية للتنمية البشرية.

وذكر أعمو أن العديد من أنديتنا تشتكي من العجز المادي المزمن لدرجة أصبح فيها المبرر الأساسي الذي يعلل النتائج السيئة التي تحصدها والتعثرات المادية لعدد من فرق البطولة الوطنية لكرة القدم أواخر الموسم الحالي دليل على ذلك.

وتساءل رئيس فريق التحالف في ذات الوقت عن السبيل للخروج من هذا المأزق، مشيرا إلى أن دراسات فرنسية أثبتت أن الاستثمار في المجال الرياضي بأوروبا يعرف نموا يقدر بـ 20 في المائة سنويا، كما أن 90 في المائة من الميزانية العائلية المخصصة للرياضة بالدول الأوروبية توجه نحو شراء الملابس والمجلات وحضور المباريات الرياضية، وهو ما يطرح إشكالية التغاضي عن هذا الجانب من طرف الفاعلين الرياضيين ببلادنا، والذي يشكل خطرا في نظر عبد اللطيف أعمو على السير الطبيعي للفرق وعلى مقاومتها للمتطلبات الاقتصادية لأنديتهم.

وأشار إلى أن انعدام التوازن بين المداخيل والمصاريف بمختلف أنواعها يجعل العجز الدائم هو القاعدة، كما يؤدي تراكمه إلى غياب مجموعة من الأندية على الساحة الرياضية.

فالأزمة بالنسبة لأنديتنا يضيف أعمو أصبحت مزمنة وأن تحقيق أي توازن مادي يبقى ضربا من الخيال، وأن تجاوز هذه الأزمة من طرف الأندية هو رهين إلى حد كبير بقيام المسيرين والإداريين بالتدبير المالي والتسويق بطريقة علمية خارجة عن إطار الارتجالية والتعامل مع النوادي على أنها مقاولات رياضية يجعل رؤية المتتبعين للأندية تتغير، على اعتبار أن ممتلكات النادي هو رأسمال واللاعبون نتاج تكوين واستثمار مربح.

ويتضح ذلك حسب عبد اللطيف أعمو في قيمة الانتقالات التي تشكل 25 في المائة من مداخيل الأندية الأوروبية.

فالفرجة تصبح هي المنتوج والنتائج هي الجودة والتسيير العلمي أصبح القاعدة المتبعة في العالم المتقدم في وقت ما زالت الارتجالية طاغية في هذا المجال لدى أنديتنا، على حد تعبير رئيس فريق التحالف الاشتراكي، الذي تساءل عن دور الحكومة في بلوغ هذا الهدف وعن العمل الذي تقوم به لجعل الأندية تتعامل بهذا المفهوم الجديد مع واقعها الاقتصادي للخروج من مأزق الخصاص المادي الذي أصبح أسطوانة يتم تكرارها في كل مناسبة.
كما تساءل عن الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها لتأهيل الرياضة الوطنية في ظل هذا التدني الذي تعيشه، خاصة وأن هناك ترسانة قانونية في حاجة إلى تفعيل من قبيل القانون رقم 87-06 المتعلق بالتربية البدينة.









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012