اليوم العالمي للمرأة 2022: تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي من أجل غدٍ مستدام
8 مارس 2022
اليوم العالمي للمرأة
تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي من أجل غدٍ مستدام
يحتفل العالم كل سنة بيوم المرأة العالمي،وهو احتفال واحتفاء يرمز للتقدير والاحترام لإنجازات المرأة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
فالمرأة نصف المجتمع، ولها دور أساسي في جميع مجالات الحياة وفي كافة ميادين العمل المتنوعة والمختلفة، فهي في المقام الأول مربية أجيال وملهمة للمستقبل، وهي أيضاً تعتبر من قادة المجتمع في مجالات الاقتصاد والسياسة والتنمية والتعليم.
وتحل ذكرى اليوم العالمي للمرأة لسنة 2022 وطبول الحرب تدق بعنف وإصرار أبواب شرق أوروبا، ونحن ندرك جيدا أن أول ضحايا الحروب هم من النساء والأطفال بالدرجة الأولى.
وقد اختارت هيئة الأمم المتحدة شعار “المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدٍ مستدام” اعترافًا منها بمختلف إسهامات النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، وهن بالتأكيد في الصفوف الأولى كفاعلات أساسيات في مهمة التكيف مع تغير المناخ، والتخفيف من حدته، والاستجابة له بهدف بناء مستقبل أكثر استدامة للجميع.
ونحن ندرك كذلك جيدا أن تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي في ظل أزمة المناخ والحد من أخطار الكوارث الطبيعية يعتبر أحد أكبر التحديات العالمية التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين، خصوصا وأن بلادنا، كغيرها من دول جنوب المتوسط، تعاني من ندرة المياه وتنتظرها تدابير استعجالية لتأمين التزويد بالماء. والمرأة توجد هنا كذلك في الصفوف الأولى في مواجهة إكراهات ندرة المياه.
كما تعتبر النساء والفتيات،من جهة أخرى، فاعلات إيجابيات ومؤثرات وصانعات تغيير عندما يتعلق الأمر باتخاذ تدابير فعلية للتخفيف من حدة التغير المناخي والتكيف معه؛ فهن على رأس المنخرطين في مختلف المبادرات المتعلقة بالاستدامة عبر العالم.
ولذلك، فمشاركة النساء في صنع واتخاذ القرار أمر أساسي وجوهري، لتقوية عناصر وأسس التنمية المستدامة وترسيخ المساواة المبنية على النوع الاجتماعي. كما يعد تمكين النساء والفتيات من إيصال أصواتهن ومشاركتهن في صنع القرارات الخاصة بجميع المسائل المتعلقة بالتغير المناخي أمرًا مصيريًا بالنسبة للبشرية جمعاء. حيث يتأكد يوما بعد يوم أنه لا يمكن الحلم اليوم ببناء مستقبل مستدام دون تحقيق المساواة المبنية على النوع الاجتماعي. فالمساواة ركيزة المستقبل المستدام .
وعلى المستوى الوطني، فبعد عقد من تبني الدستور الجديد لسنة 2011، شكلت المكتسبات الدستورية ذات الصلة بالمساواة بين الجنسين، وما تلاها من إصلاحات تشريعية ومؤسساتية، تراكمات إيجابية انعكست على وضع المرأة المغربية بشكل عام، حيث ارتقى الاهتمام الفعلي بقضايا المساواة بين الجنسين ومحاربة كافة أشكال التمييز ضد النساء إلى مستوى إدراجها في السياسات وفي البرامج العمومية وإدماجها كذلك ضمن الدينامية الوطنية العامة المرتبطة بحقوق الإنسان.
ورغم هذا الجهد الإيجابي، ظلت قضية النهوض بالمساواة بين الجنسين من الإشكالات الأساسية داخل المجتمع، حيث تشير المعطيات الرسمية إلى أنه رغم تحسن الحالة الصحية للنساء، من خلال معدل وفيات الأمهات، إلا أنه طيلة فترة الحجر الصحي، فمن بين 6٪ من الأسر التي تتضمن نساءا معنيات بالصحة الإنجابية، تبين أن 34٪ منهن (أي حوالي الثلث) لم يحصلن على هذه الخدمات الصحية، مع فوارق مجالية هامة (27٪ في المناطق الحضرية و39٪ في المناطق القروية). كما يظل الولوج إلى برامج التربية والتكوين دون المستوى، حيث ما زالت نسبة الأمية لدى النساء في مستوى 44% (وفقا لإحصائيات سنة 2018).
وعلى مستوى القيادة والمشاركة في صنع القرار، فقد بلغت نسبة المقاولات التي ترأسها النساء 12.8٪ (2019). فيما بلغت نسبة النساء اللواتي يشغلن مناصب المسؤولية على صعيد الوظيفة العمومية 23.5٪. أما على مستوى المسؤولية السياسية، فقد بلغت نسبة المقاعد التي تشغلها النساء في مجلس النواب 20.5٪، وفي مجلس المستشارين 11.67%، فيما حصة مقاعدهن في المجالس الترابية تناهز حوالي 21%.
وتظل مشاركة المرأة ضعيفة على مستوى سوق الشغل، حيث بلغ معدل نشاط النساء 19,9 % مقابل 70,4 % لدى الرجال. لتبقى بذلك ثمان (08) نساء من بين كل عشرة ( 10) خارج سوق الشغل.
ووفقا للمؤشرات الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في سوق الشغل 19% سنة 2019 . لكن، النشاط المهني للمرأة يكاد لا يشفع لها من مسؤولياتها العائلية والمنزلية، حيث تستمر في تحمل أعباء العمل المنزلي من خلال تكريسها لأزيد من 4 ساعات يوميًا للقيام بها، وهو جهد يقل زمنيا عن جهد ربة بيت بساعة واحدة و42 دقيقة فقط.
كما يشكل العنف ضد النساء وصمة عار في جبين مجتمعنا، حيث تشير المعطيات الرسمية إلى أن أكثر من نصف النساء تعرضت لشكل عنف واحد على الأقل خلال الاثني عشر شهرًا الماضية.
من جهة أخرى، ورغم المنحى التنازلي في أعداد زواج القاصرات، من 33 ألف و489 عقدا سنة 2014 إلى 12 ألف و 600 عقد في سنة 2020، وهو ما يشكل 6.48 % من مجموع عقود الزواج المبرمة، إلا أن المحاكم ما زالت تتلقى عددا كبيرا من طلبات الإذن بزواج القاصرات، وصلت في سنة 2020، إلى ما يعادل 27.623 طلبا للإذن بزواج القاصر. ما يجعل ظاهرة زواج القاصرات مقلقة ومثيرة للاهتمام والمراقبة.
وتظل المساواة بين الجنسين على رأس المطالب الحقوقية للمرأة المغربية، وتظل من القضايا الحيوية التي يتجدد النقاش حولها باستمرار، ويعد اليوم الوطني للمرأة محطة سنوية لتجديد التفكير في مستقبل أفضل للأجيال القادمة من النساء المغربيات.
فعيد سعيد للمرأة العاملة، ولربة البيت، وللحماة، وللعاملة المنزلية، وللجدة الغالية، وللأم والإبنة وللزوجة وللأخت، ولكل نساء العالم الطموحات، المناضلات.
عبد اللطيف أعمو
أضف تعليقاً