عبد اللطيف أعمو يمثل البرلمان المغربي في أشغال المؤتمر الخامس للمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد
تنظم المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد مؤتمرها الدولي الخامس بمدينة مانيلا في الفلبين (للاطلاع على برنامج المؤتمر) من 30 يناير إلى غاية 2 فبراير 2013 .
ويمثل مجلس المستشارين بهذا المؤتمر الدولي الأستاذ عبد اللطيف أعمو، عضو فريق التحالف الاشتراكي بالغرفة الثانية.
ويستهدف المؤتمر الدولي تقاسم التجارب والتعرف على مكامن القوة والضعف في كيفية تعامل وتجاوب المؤسسات التشريعية بمختلف برلمانات العالم مع مكافحة الفساد وتحديدا مع ظاهرة الرشوة، والتدابير المتخذة لأجرأة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
شارك الوفد المغربي في الجلسة الافتتاحية وفي مختلف جلسات العمل السبعة (انظر تقرير الجلسات) . كما ساهم أعضاء الوفد في إغناء النقاش وتقديم تجربة المغرب في مجال محاربة الفساد بمداخلات عديدة (ملخص المداخلات والكلمات باسم الوفد) . كما نظمت بالموازاة لقاءات وجلسات عمل مع مختلف الوفود المشاركة (انظر التقرير) . وقدمت خلال الجلسة الختامية مجموعة من التوصيات، ساهم الوفد المغربي في بلورتها. كما اختتم مؤتمر مانيلا بإعلان مانيلا المؤرخ في 2 فبراير 2013 (انظر تقرير الجلسة الختامية).
وتعميما للفائدة، نورد كذلك أسفله النص الكامل لمساهمة ذ. أعمو في أشغال هذا المؤتمر الدولي.
مساهمة في أشغال مؤتمر
المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد
تـــقـديــم
إن الرشوة ظاهرة كونية تهدد استقرار المجتمعات، لما ينجم عنها من فقدان الثقة في المؤسسات وفي سيادة القانون، وما تؤدي إليه من إفراغ كل مخططات الإصلاح والتنمية من محتواها.
وهي ظاهرة تتخذ أبعادا كثيرة، فمنها ما هو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي. وتكون نتيجة لاحتكار السلطة أو الافتقار للشفافية أو ضعف آليات وأدوات المسائلة.
ولقد ظل مطلب محاربة الرشوة والفساد بالمغرب ملحا منذ بداية الاستقلال إلى يومنا هذا. ورغم مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 9 ماي 2007 ودخولها حيز التنفيذ في 30 نونبر 2007 بجانب إحداث هيئة مركزية لمحاربة الرشوة في دجنبر 2008 ووضع القوانين التي تهم الوقاية والتجريم والكشف والانخراط في عدة مجالات للتعاون الدولي لمحاربة جرائم التهريب وتبييض الأموال وكل أنواع الجرائم المنظمة ، ووضع قانون لمحاربة تبييض الأموال 2007 وخلق وحدة معالجة المعلومات المالية 2008 وتوسيع نطاق مصادر المعلومات وتعقب المجرمين.
رغم هذا كله، فإن بوادر الإصلاح وقوة مواجهة الظاهرة ظلت محدودة.
وبعد أن رفعت الحركات الاحتجاجية المواكبة للربيع العربي مطلب الإصلاح والكرامة بداية سنة 2011، جاء الدستور الجديد في يوليوز 2011 لينص في المادة 36 من الباب الثاني عشر المتعلق بالحكامة الجيدة على الأمر بوضع قوانين تعاقب المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح وعلى التسريبات المخلة بالتنافس النزيه وكل مخالفة ذات طابع مالي، وأمر السلطات العمومية بتفعيل دور الوقاية طبقا للقانون من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها والزجر على هذه المخالفات، وكذلك زجر الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز ووضعيات الاحتكار والهيمنة، وباقي الممارسات المخلة بمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية.
كما حدد الدستور بمقتضى الفصل167 مهام الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بإعطاءها صلاحيات المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع سياسات محاربة الرشوة. حيث تتولى الهيئة، على الخصوص، “مهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة.”
فرفعت الحكومة الجديدة شعار الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد. والتزمت في تصريحها الحكومي باتخاذ عدة إجراءات تتمثل في تحيين وتأهيل التشريع المرتبط بحماية المال العام ومكافحة الإثراء غير المشروع ووضع ميثاق وطني لمكافحة الفساد وتطوير التشريع المتعلق بالتصريح بالممتلكات وإرساء “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة” المنصوص عليها في الدستور.
وتشمل هذه الإجراءات، أيضا، اعتماد برنامج وطني للنزاهة وسياسات لمكافحة الفساد على مستوى القطاعات الحكومية في إطار خطة وطنية مندمجة وتشجيع مشاركة عموم المواطنين في مجهود مكافحة الفساد وإقامة شراكات وطنية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وبين القطاع العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني.
ورغم أن المغرب يضم أكثر من خمس مؤسسات للمراقبة والتوعية ضد الفساد والرشوة، إضافة إلى ترسانة قانونية مهمة، ورغم انخراطه في مسلسل آلية استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، فإن تصنيفه العالمي ما زال في تراجع في هذا المجال.
فقد تزامن تكوين الحكومة المغربية الجديدة في سنة 2011 مع صدور تقرير دولي يضع المغرب، بناء على مؤشر الرشوة، في الرتبة 80 من أصل 183 دولة. فيما منحت منظمة الشفافية الدولية المغرب 3,4 نقطة من 10 نقاط. وهو المعدل ذاته الذي حصل عليه سنة 2010. مما يؤكد أن البلاد سقطت في دائرة توجد ما بين 3.2 و 3.5 نقطة خلال التسع سنوات الأخيرة، وبالتالي فإن الإصلاحات والجهود التي تم القيام بها في هذا الإطار لا ترقى إلى مستوى الإجراءات الفعالة التي ينبغي القيام بها من طرف الدولة.
ومن جانب إدراك ظاهرة الرشوة، يشير تقرير حول «مؤشر الدول المصدرة للرشوة»، قدمته جمعية ترانسبارنسي/ المغرب أن 55 في المائة من رؤساء المقاولات بالمغرب يرون أن الرشوة ظاهرة معمول بها بصفة منتظمة على المستوى الرسمي.
ورتب التقرير الذي اعتمد على آخر بحث ميداني حول الرشوة شمل 100 مقاولة مغربية من ضمن أزيد من 3000 مقاولة أجنبية، أن المغرب يحتل «مستوى عال في سلم الترتيب بين الدول التي تتفشى فيها الرشوة».
وحسب هذا التقرير فالمغرب جاء في مرتبة لا يحسد عليها مقارنة مع بلدان كمصر التي لا يتعدى متوسط تفشي الرشوة بها 2.1 وسنغافورة 1.6 على سلم الترتيب من 1 إلى 5.
وعن سؤال لرؤساء المقاولات المستجوبين حول سوء أو حسن استعمال الأموال العمومية أجاب 49 في المائة منهم أنهم يعتبرون أن الموارد العمومية بالمغرب تستعمل بشكل سيئ من قبل المسؤولين الكبار في الدولة.
واعتبر التقرير أن المغرب يحتل موقعا مقلقا مقارنة مع دول أخرى فيما يخص التعامل اللا أخلاقي مع ظاهرة الرشوة (41 في المائة)، والتداخل بين الرشوة والإفلات من العقاب.
وأكدت الشبكة المغربية لحماية المال العام من جهتها، على أن اختلاس وتبديد و نهب المال العام هو من صلب الجرائم الاقتصادية التي أدت إلى حرمان المغاربة من استغلال ثرواتهم، الأمر الذي كرس الفقر والهشاشة لدى فئة واسعة من المغاربة، رغم مصادقة الحكومة المغربية على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد دون دمج مقتضياتها في التشريعات الوطنية. وطالبت الشبكة بإحداث هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة، إلى جانب تكريس الفصل الحقيقي للسلط وتمكين السلطة القضائية من القيام بدورها بكل ما يلزم من نزاهة واستقلالية وإحداث مؤسسات قوية للمراقبة المالية.
كما كشفت دراسة أخرى همت الأسر المغربية، أن 65 في المائة من المغاربة يرون أن مجهودات الحكومة في محاربة الظاهرة غير ذات فعالية، مقابل 17 في المائة منهم يرون أنها فعالة.
ويتصدر قطاع الوظيفة العمومية والقضاء والعقار قائمة القطاعات التي تعرف انتشارا واسعا لظاهرة الرشوة بالمغرب، حسب الدراسة بحصولهم على 3.5 نقطة في مؤشر الرشوة، يليهم مباشرة قطاع الأمن. وتحتل الأحزاب السياسية والبرلمان وقطاع التربية والتكوين وسط القائمة، بينما تأتي قطاعات الإعلام والجمعيات غير الحكومية والمنظمات الدينية والجيش في أسفل القائمة بحصولها على ما بين 1.4 و1 نقطة في مؤشر الرشوة.
وتعتبر الرشوة من المعيقات الأساسية للاستثمار بالمغرب، حيث احتل المغرب الصف 70 من أصل 144 بلدا في الترتيب السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي حول جاذبية الدول للاستثمارات. وفوق هذا كله، فالرشوة وانعكاساتها السلبية، تكلف البلاد خسائر فادحة على جميع المستويات تقدر بنحو 1.5 مليار دولار.
إحساس بأن الرشوة ملازمة للمغاربة في حياتهم اليومية
مع محدودية آثار المحاسبة وقلة فعالية الزجر في حق المتلاعبين بالمال العام، وعدم الاستجابة لمطلب اتخاذ إجراءات عملية تقود من يعتبرون “رموزا للفساد” إلى المحاكمة. وظهور مؤشرات توحي بكون الدولة غير جادة في محاربة الفساد.. أصبح المغاربة يشُكٌـــون في فعالية آليات محاربة الرشوة، وهناك العشرات، بل المئات، من الأمثلة اليومية في المغرب عن هذه الظاهرة التي تتغذى على مختلف صنوف الفساد وغياب قرارات زجرية حقيقية، تكاد لا تخلو جريدة يومية منها، مما يوحي للمواطن بأنه أمام وحش خرافي يتضاعف حجمه كلما حاولنا محاصرته، أو أمام قدر حتمي لا مهرب منه، مما يجعل قريحة الإبداع تزدهر في اكتشاف وسائل ارتشاء جديدة كل يوم.
إن الرشوة أصبح ينظر إليها كأنها أمر عادي وملازم للحياة اليومية للمواطنين- وهذا في حد ذاته أمر خطير- لدرجة اعتبارها “هيكلية ومزمنة”، فتفنن المغاربة في تصنيفها، واستحضار تجليات عديدة للظاهرة، فمنهم من يصنفها من الصغيرة إلى الكبيرة، ومنهم من يرى أنها تتخذ أشكالا عديدة، من ضمنها:
1) الرشوة الاستباقية
وهي نوع من الرشوة عن طريق تقديم هدايا لأشخاص في مواقع المسؤولية، ليس مقابل خدمة معينة، ولكن ابتغاء كسب مودتهم أو اتقاء شرهم. ويجني الراشي من هذا الوضع ضمان مودة المسؤول، الذي يحرص على عدم الإضرار بالراشي وبمصالحه.
وهذا النوع من الرشوة يتنامى عندما يطول الأمد بالشخص في نفس المهام بشكل تقع فيه الخلط والمزج بين الشخص ومسؤولياته فيصعب حينها التفريق بين الهدية والرشوة.
ويمكن محاربة هذا النوع من الرشوة بتغيير المسؤولين دوريا في مناصب حساسة، وضمان التداول على كراسي المسؤولية.
2) الرشوة من أجل تحقيق هدف غير مشروع
في هذه الحالة فالراشي يعرف أن هدفه غير قانوني وأن المرتشي بيده قرار منحه ما يريد. ومقابل مغامرة “المسؤول” بتقديم خدمة غير مستحقة، يعوضه المستفيد من الخدمة الغير المستحقة بمنحه رشوة مقابل ذلك بهدف ترجيح كفته.
ومحاربة هذا النوع من الرشوة يكمن في تشديد العقوبات على المرتشي.
3) الرشوة من أجل تسريع الحصول على خدمة مشروعة
ويرجى من هذه الرشوة ربح الوقت والتمتع بمعاملة خاصة في سبيل الحصول على خدمة مستحقة دون انتظار أو تضييع للوقت. وتبلغ هذه الرشوة أوجها حين يصبح ذوي النفوذ كذلك مجبرين على دفع رشوة لتسريع بلوغ هدفهم، فتصل المزايدة فيها ذروتها.
ويحارب هذا الشكل من الرشوة عبر اعتماد الطرق الحديثة وخصوصا الأنترنيت في التعاملات الإدارية والمعاملات التجارية وذلك بتقليص فرص اللقاء المباشر بين طالب الحق والمسؤول عن تلبية الطلب.
4) الرشوة من أجل بلوغ هدف مشروع
ويعتبر هذا النوع من أقبح أشكال الرشوة، إذ يصبح المواطن ملزما بدفع الرشوة مقابل حق مشروع قانونا، ويستثنى من هذا الحق إذا لم يؤدي مقابلا ماديا للحصول عليه.
لكي يتفادى المجتمع بلوغ هذا الحد المتفشي من الرشوة، لا بد من محاربة الأنواع الثلاث السابقة قبل أن تؤدي إلى الشكل الرابع والذي يصعب كثيرا الشفاء منه.
احتواء ظاهرة الرشوة، أولوية وطنية
ترى الحكومة المغربية من جهتها أنها حققت تقدما ملموسا في مجال محاربة الفساد. فوزارة تحديث القطاعات العامة اعتبرت أن نتائج التقرير “دليل على فعالية البرامج والتدابير التي اتخذها المغرب في نطاق الإستراتيجية الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة، والتي تمت أجرأتها في برنامج عمل الحكومة للوقاية من الرشوة ومحاربتها”.
فقبل الربيع العربي سنة 2011، قطع المغرب أشواطا مهمة على مستوى القوانين والمؤسسات في مجال محاربة الرشوة. ووقع على الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد وأحدث تبعا لذلك الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة. كما أصدرت الحكومة قانونا للتصريح بالممتلكات وقانونا لحماية الشهود والمبلغين عن الرشوة. إضافة إلى أن المجلس الأعلى للحسابات (محكمة مالية) يصدر سنويا تقارير تضم ملاحظاته على التدبير المالي للمؤسسات العمومية، إضافة إلى المجهود الكبير الذي بدله المغرب في مجال محاربة التهريب وتبييض الأموال واسترجاع الودائع المختلسة وانخراطه الكلي في دعم كل مشاريع التعاون الدولي وتطوير آلياته بالاعتماد على المساعدة التقنية.
كما بادرت الحكومة مؤخرا في شخص وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة المغربي، إلى إطلاق حملة للتوعية تحت عنوان “ويَّاكم والرشوة”، تتضمن حملة إعلانية بجانب مركز للتبليغ عن الرشوة، واعتبرتها تدخل في إطار استراتيجية متكاملة لمحاربة هذه الظاهرة سيتم تطبيقها على مدى ثلاث سنوات، وتمتد إلى غاية 2016.
وتتضمن الإستراتيجية إلى جانب التوعية إجراءات قانونية، أهمها إعداد قانون يوفر الحماية القانونية للشهود المبلغين عن الرشوة. و تقوية الإطار المؤسساتي لهيئات الحكامة المعنية بهذا المجال، وفي مقدمتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي تأسست في 13 مارس 2007، وتطوير المنظومة القانونية، وتعزيز الشفافية في التدبير العام ودعم مساءلة المسؤولين، إضافة إلى التربية والتوعية بخطورة الظاهرة وإشراك المجتمع في محاربتها.
وتشتمل الإستراتيجية كذلك على إجراءات تواصلية تهم إحداث بوابة الكترونية للوظيفة العمومية يعلن فيها عن جميع مباريات التوظيف المتاحة وتنشر فيها نتائجها الكاملة، إضافة إلى بوابة أخرى خاصة بالصفقات العمومية تنشر التفاصيل الكاملة للمناقصات العمومية من إيداع الطلبات إلى الإعلان عن اسم الشركة الفائزة بها.
خطاب متقدم وممارسة ضعيفة
التزمت الحكومة في برنامجها الانتخابي بالارتقاء بالمغرب إلى المرتبة 40 عالميا على صعيد مؤشر إدراك الرشوة، بعد أن كان في الرتبة 80.
كما اعتمدت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة من جهتها مقاربة ترتكز على ثلاثة أبعاد.
1- البعد الشمولي: الذي يعتمد على المؤشرات المختلفة التي تسمح بملامسة تفشي هذه الظاهرة وتحديد القطاعات الأكثر عرضة للفساد ويبرز انعكاساته على الحكامة والتنافسية والتنمية البشرية،
2- البعد القطاعي: الذي يسمح بتشخيص اختلالات الحكامة بالقطاعين العام والخاص وبالحياة السياسية .
3- البعد الجهوي، الذي يسمح برصد تجليات الفساد على مستوى ممارسة الشأن المحلي خاصة في ما يتعلق بالجماعات الترابية.
لكن صدور آخر تقرير عالمي َبــوّأ المغرب الرتبة الـ 90 عالميا حول المؤشر العالمي للحرية الاقتصادية لعام 2013، حيث يمتلك رصيد 59.6 نقط، بناقص 0.6 نقطة عن السنة الماضية، بعد ما كان يحتل الرتبة الـ 87، من أصل 185 دولة، متخلفا بثلاث درجات عن السنة الماضية، ليوضع بذلك في رتبة “اقتصاد غير حرّ في الغالب”، حسب مؤشرات التقرير، وسط دول كأزربذجان والدومينكان وبوركينا فاصو ولبنان وغامبيا وزامبيا.
وهو ما يفيد أن تصنيف هذه السنة أسوأ من عام 2012، حسب التقرير السنوي الذي نشرته “هيريتايج فاوندايشن” (مؤسسة التراث التي تعد المؤسسة الفكرية الأولى بواشنطن) بشراكة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكيتين.
واستنادا إلى وثيقة التقرير السنوي، فإن مؤشر الحرية الاقتصادية انخفض بالمغرب، للرتبة الـ9 ضمن 15 دولة من شمال افريقيا والشرق الأوسط، بسبب الانخفاض الكبير في السيطرة على النفقات العمومية وانخفاض هامش حرية التجارة التي تفوق حرية الاستثمار والعمل، وذلك بسبب تفشي الفساد وارتفاع النفقات العمومية، إضافة إلى استمرار العجز الحاصل في الميزانية.
وأكد التقرير أن الجهود المبذولة حاليا لمكافحة الفساد لا تزال محدودة الفعالية، إضافة إلى كون القضاء المغربي “عرضة للنفوذ والتأثير السياسي”.
من جهة أخرى، قال التقرير بأن الحكومة المغربية اتخذت خطوات لإدماج اقتصادها في السوق العالمية، في حين أصبحت الإجراءات الاستثمارية مبسطة، وأن الاستثمار الأجنبي موضع ترحيب في العديد من القطاعات، “على الرغم من أن نظام الاستثمار لا زال في حاجة إلى مزيد من الشفافية لتحفيز النمو”.
إن تحسين مختلف المؤشرات التي تسمح بمحاصرة الفساد، وبالتحديد ظاهرة الرشوة ، وبالتالي تحسين مؤشرات الحكامة والتنافسية والتنمية البشرية يقتضي إجراءات وتدابير على عدة مستويات:
1- مستوى الحكامة الجيدة:
من دعامات الحكامة الرشيدة: النزاهة والشفافية والإشراك والمسائلة.
ومن أهم اختلالات الحكامة بالمغرب: ضعف المشاركة وإدماج مختلف المجالات الترابية والمكونات المجتمعية في المسار التنموي بجانب غياب المسائلة وضعف عنصر الإسنادية imputabilité، مما يشكل تربة خصبة لنمو ظاهرة الفساد بشتى تجلياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
فإذا كان المغرب قد حقق تقدما في مستوى تحسين وتحديث محيط الأعمال وتحسين فضاء الاستثمار وتحديث التدبير العمومي، إلا أن المجهودات المبذولة لتحسين الحكامة تظل دون مستوى انتظارات الشارع المغربي.
ولتحسين الحكامة العمومية يتعين:
– إصدار قانون يسمح بتداول المعلومات دون قيد (مراجعة المادة 18 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية المتعلقة بالسر المهني)
– تعزيز الإدارة الالكترونية وتقويتها بإجراءات مصاحبة
– تحيين نظام الصفقات العمومية بشكل يحد من السلطة التقديرية، وخلق آلية مستقلة تبث في الشكايات والتظلمات.
– تحيين القانون المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية.
– عصرنة تدبير الموارد البشرية المحلية
– تعزيز شفافية الإدارة الترابية وضمان تدبير المالية المحلية بنزاهة وشفافية.
– تقوية الدور الجهوي للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة وتعزيز فعالية المجالس الجهوية للحسابات.
– تحصين الجهاز القضائي وتقوية دوره في محاربة الفساد.
– تقوية صلاحيات الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ليتحقق بواسطتها التكامل بين الآليات الزجرية والوقائية والتحسيسية والتربوية.
– ترجمة تلازم ممارسة المسؤوليات والوظائف العمومية بالمحاسبة إلى فعل ملموس.
أما بخصوص إشكالية “تضارب المصالح” والمرتبطة بالحكامة الرشيدة، يجب المضي قدما لتبني قانون منظم لهذه الإشكالية، ودعمه بنصوص تطبيقية، من خلال تدابير عديدة من ضمنها:
– وضع تعريف واضح لمفهوم “تضارب المصالح” في جوانبه المادية والمعنوية، الخاصة والعامة،…
– التمييز بين تضارب المصالح والجرائم ذات الصلة بالتسريبات المخلة بالتنافس النزيه délit d’initié أو إساءة استعمال المال العام abus de biens sociaux ( …)
– التمييز بين إعلان المصلحة déclaration d’intérêt والتصريح بالممتلكات déclaration du patrimoine
– اعتماد استراتيجية وطنية شاملة ومتكاملة من أجل تدبير إشكالية تضارب المصالح والإحاطة بمختلف جوانبها وتشعباتها، واعتماد المقاربة التشاركية من خلال إشراك كل الأطراف (قطاع عمومي، قطاع خاص، مجتمع مدني، وسائل الإعلام،…)
– توخي التكامل في الإستراتيجية الوطنية بين الأبعاد الثلاثة (البعد الأخلاقي، البعد الوقائي، البعد العقابي أو الزجري)
– دراسة وتقييم مختلف النصوص القانونية التي تتناول جزئيا أو كليا تضارب المصالح، بهدف تحيينها أو مراجعتها
– سن واعتماد تشريعات تعرف وتحدد بوضوح حقل ومجال “تضارب المصالح” وتقديم إجابات صريحة ودقيقة حول الأسئلة المرتبطة به.
– تحديد السياسات والتدابير المالية المصاحبة لضمان فعالية القانون المنظم لتضارب المصالح،
– تبني منهج علمي قائم على الدراسات والتحليل الإحصائي والرصد والتقييم لظاهرة “تضارب المصالح”
كل هذا بجانب تفعيل المقتضيات الدستورية المرتبطة بالحكامة الجيدة والتي أتى بها دستور 2011.. وخصوصا الخاصة منها بالتخليق وتحسين الحكامة الترابية .
2- مستوى تقوية دور القضاء في مكافحة جرائم الفساد:
إن من شأن حرص السلطة القضائية على تطبيق القانون بكل حياد وتجرد، مع غيرتها على استقلالها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية أن يجعلها أكثر كفاءة وقدرة على كشف جرائم الفساد ومعاقبة مرتكبيها.
لذلك فإن محاربة الفساد تمر لا محالة عبر توفير عدالة جنائية فعالة تضمن مبدأ عدم الإفلات من العقاب، من خلال مسارين: الأول منهما يؤسس للقواعد و الأدوات القانونية لتفعيل العدالة الجنائية في مجال مكافحة جرائم الفساد، والثاني يؤسس للآليات المؤسساتية والإجرائية للكشف عن الجريمة وتشجيع الإبلاغ عنها.
أ- قواعد العدالة الجنائية في مجال مكافحة جرائم الفساد .
تستند أساسا على مبدإ إقرار سيادة القانون، وحماية مبدأ استقلال القضاء و تخصصه، و دعم الحق في الوصول إلى المعلومة، فضلا عن توسيع دائرة التجريم وتشديد العقاب.
ب – تخصص القضاء في جرائم الفساد
لا بد من وجود قضاء متخصص في جرائم الفساد يستطيع فهم الأساليب المتطورة المستعملة في جرائم الأموال وله القدرة على الوصول إلى الحقيقة وبناء أحكامه على اليقين. وتبيان الجوانب المعقدة والمركبة لجرائم الفساد.
ت – تعدد أجهزة الرقابة وتعاونها
يصعب كشف جرائم الفساد لكونها جرائم مالية معقدة، تستدعي الاهتمام بتعزيز قدرات أجهزة المراقبة والتفتيش وضمان استقلالها الوظيفي، مع دعم الحق في الوصول إلى المعلومة وحماية المبلغين والشهود والخبراء.
ومن أجهزة الرقابة التي أحدثها المغرب نذكر: الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة و وحدة معالجة المعلومات المالية و المحاكم المالية بجانب مجلس المنافسة و مؤسسة الوسيط وآلية معالجة المعلومات المالية.
إن وضع مشروع قانون لحماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين عن جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ يقوي الواجب القانوني والأخلاقي والشرعي للمواطن، ويحول في كثير من الأحيان دون وقوع الجريمة، ويؤدي إلى تعزيز مشاركة الأفراد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام في مكافحة الإجرام بشتى صوره ويسهم في بناء الثقة والطمأنينة في المجتمع وترسيخ مبدأ المواطنة الحقة.
ويسمح المشروع الموضوع بمجلس النواب بتخصيص هواتف وحماية شخصية لضحايا تلك الجرائم ولعائلاتهم قبل وبعد المحاكمات. وهو إجراء يندرج في سياق تأهيل القوانين لمحاربة ظاهرة الرشوة المتفاقمة بالمغرب.
3- مستوى تعزيز دور البرلمان في مجال محاربة الفساد:
لقد عمد الدستور المغربي الجديد إلى تعزيز المراقبة البرلمانية التي عرفت تغيرا على مستوى آلياتها حيث أصبحت شروط النصاب الضرورية لإعمالها أكثر مرونة ( ملتمس الرقابة ، اللجان النيابية لتقصي الحقائق، …).
كما نص الدستور على عرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة من طرف رئيسها أمام البرلمان بالإضافة إلى تخويل اللجان البرلمانية في المجلسين إمكانية طلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية بحضور وتحت مسؤولية الوزراء التابعين لهم وكذا ضمان مكانة متميزة للمعارضة البرلمانية لتمكينها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل في العمل البرلماني والحياة السياسية بصفتها مكونا أساسيا في المجلسين يشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة.
ومن جهة أخرى قوى الدستور دور المجلس الأعلى للحسابات الذي اعتبره الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية مع ضمان استقلاله وتوضيح مهمته الأساسية الرامية إلى تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية.
وفي مجال الديمقراطية التشاركية أقر المشرع الدستوري بأن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي ونص على ترسيخ الدور المركزي للأحزاب السياسية في ممارسة الديمقراطية كما حسم الدستور في مسألة الترحال البرلماني.
ولتدعيم الديمقراطية التشاركية بالموازاة مع الديمقراطية التمثيلية نص الدستور على مساهمة المواطنين وجمعيات المجتمع المدني، وذلك بالاشراك في إعداد السياسات العمومية وتقديم الملتمسات في مجال التشريع ورفع العرائض إلى السلطات العمومية وفق شروط يحدد كيفياتها قانون تنظيمي. (الفصل 13 و 14 و 15 من الدستور).
ويتعين في نفس المسار:
– تعزيز آليات الحكامة السياسية سواء على مستوى المقتضيات القانونية المتعلقة بالأهلية للترشح ومراقبة استخدام الأموال العمومية الممنوحة للأحزاب ولتمويل الحملات الانتخابية، وتقوية الممارسة البرلمانية بشكل يضمن ممارسة الرقابة السياسية المخولة للسلطة التشريعية بالفعالية المطلوبة.
– اعتماد تشريعات تتوخى معالجة الثغرات القانونية والإجراءاتية التي تحول دون الانتقال بتوصيات واقتراحات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة من مستوى الطرح والترويج إلى مستوى الفاعلية والتنزيل.
– إخراج النص القانوني الجديد الذي سيؤطر عمل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بعد دسترتها وتمكينها من صلاحيات جديدة تتعلق بالتحري والتصدي المباشر لأفعال الفساد.
إن الدستور مكن البرلمان من مهام كثيرة ومتنوعة، ووسع اختصاصاته. الشئ الذي يتعين معه تقوية دور البرلمان في مجال محاربة الرشوة بكل أنواعها عن طريق تكثيف التشريع وتفعيل لجن المراقبة والتقصي وتفعيل دوره الرقابي على الحكومة والمؤسسات العمومية وتقوية علاقته بالمجتمع المدني وتنويعها وتوسيعها بخلق آليات ملائمة لضمان استمرار التعاون والتآزر وتنسيق الجهود.
وللقيام بهذه المهمة، فإن البرلمان المغربي بحاجة إلى دعم ومساندة المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد (GOPAC) لكي يتمكن من المساهمة بشكل قوي في تفعيل وتوجيه السياسات والقوانين المناهضة للرشوة على ضوء المعايير والتدابير التي تتضمنها اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الرشوة ، ووضع مخطط برلماني كامل يستهدف الوقاية والتجريم من خلال إنتاج القوانين الجيدة والقابلة للتنفيذ ، واعتبار موضوع محاربة الرشوة ضمن الأولويات الوطنية.
وفي هذا الإطار يتعين:
– دعم الحكامة البرلمانية بتقوية القدرات والآليات التقنية للمراقبة الاقتصادية والمالية.
– تمكين البرلمان من المراقبة والمصادقة على الميزانية في الجوانب المتعلقة بتخصيص الأموال من طرف الحكومة ، ومن أجل توطينها ومراقبة تحقيق الأهداف المرسومة.
– تمكينه من تتبع تنفيذ الميزانية من أجل تحقيق أكبر قدر من الشفافية ، خصوصا بعد وضع ميزانية المواطن التي تمكن المواطن من معرفة النفقات العمومية .
– إلزامية تدارس تقارير المحاكم المالية ، واستخلاص الخلاصات وتتبع تنفيذها عن طريق لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان ومراقبة تنفيذ ملاحظات البرلمان وملاحظات المحاكم المالية من طرف الإدارات الوطنية والاقليمية.
– توفير إمكانية ولج المواطنين إلى معطيات الميزانية.
– مواصلة تنفيذ القوانين المعيارية المتعلقة بتدبير الوظيفة العمومية في مسطرة التعيين والترقية والرواتب ومعايير المسؤولية.
– وضع ميثاق أخلاقيات البرلمان يتضمن الالتزامات والواجبات والحقوق وإضفاء الطابع الإلزامي تمشيا مع روح الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية لسنة 2012 بدعوة جلالته إلى بلورة مدونة أخلاقية ذات بعد قانوني، تقوم على ترسيخ قيم الوطنية وإيثار الصالح العام، والمسؤولية والنزاهة، والالتزام بالمشاركة الكاملة والفعلية في جميع أشغال البرلمان، واحترام الوضع القانوني للمعارضة البرلمانية ولحقوقها الدستورية .
– إيلاء الأهمية الخاصة لإشكالية تبييض الأموال وتهريبها واتخاذ التدابير اللآزمة لاسترجاعها.
– الحرص على التأكيد على دور البرلمان في مراقبة تنفيذ القوانين ودعم آليات التنفيذ.
– إعداد تقارير ووضعها رهن إشارة المواطنين حول المجهود المبذول من طرف البرلمانيين حول محاربة الرشوة.
– التعريف بتقارير التقييم التي تهيء حول اتفاقية الأمم المتحدة لكافحة الفساد.
– إشراك البرلمانيين في إعداد التقارير المذكورة للتقييم الذاتي والمتعلقة بمطابقة وملائمة عمل الحكومة مع الاتفاقية المذكورة.
– تمكين الأعضاء البرلمانيين المغاربة في المنظمة الدولية للبرلمانيين ضد الفساد من تتبع الخطوات والإجراءات المتخذة من طرف البرلمان ، مع إحداث لجنة فرعية برلمانية لتتبع تنفيذ الخطة الإستراتيجية لمحاربة الرشوة .
– تقوية وإصلاح القانون التنظيمي للمالية في اتجاه عرض كل الاتفاقيات والعقود المبرمة والتعديلات في الميزانية على المصادقة في البرلمان.
– التشديد بقوة على فرض تصريح أعضاء البرلمان بممتلكاتهم.
– إسناد رئاسة اللجنة المالية للمعارضة .
– نشر كل المعلومات المتعلقة بنتائج تنفيذ الميزانية.
– توسيع المعلومات المتعلقة بتفعيل قوانين محاربة الرشوة وقوانين تبييض الأموال.
– توسيع حق الولوج إلى البرلمان وتفعيل آليات التواصل داخل البرلمان وخارجه وتقوية علاقاته مع منظمات المجتمع المدني ومع الجامعات ومراكز البحث والإعلام ، والتمكين من استشارتهم في الأنشطة المتعلقة بمحاربة الرشوة.
– التأكيد على حق البرلمان في مطالبة الحكومة بمزيد من الدعم لتقوية أداءه في مجال محاربة الرشوة والفساد.
– التسريع بإعداد القوانين المتعلقة بالولوج إلى المعلومات في ظل الاحترام الكامل للدستور وللاتفاقيات ، وذلك من أجل سماع صوت المواطنين في مجال محاربة الرشوة.
ويجب الحرص على جعل القانون أداة لتجنب كل الثغرات التي تؤدي إلى الحيلولة دون الوصول إلى الأهداف المرجوة، بسب قلة الإمكانيات.
ويتعين كذلك في الأخير وضع مخطط محدد في الزمن ، ولا يتعدى ثلاث سنوات ، من أجل تقوية دور البرلمانيين في مجال دعم وتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومراقبة مقترحاتها وتوفر معايير تنفيذها.
مع الحرص على تقييم إنعاش وتفعيل القوانين القائمة حاليا ضد الرشوة ، والخروج بمخطط لضمان تطويرها وتحيينها بحكم طبيعة الرشوة المعقدة والمتشعبة والمتطورة.
4 – مستوى تقوية دور المجتمع المدني في مجال محاربة الفساد:
إن للمجتمع المدني دور هام في مجال قياس وتحليل الفساد وتشخيص آثار الظاهرة وانعكاساتها وتطورها. كما يمكن من تقييم مدى نجاعة وفعالية جهود مكافحة الفساد، بجانب المساهمة في تكوين الرأي العام وترسيخ الثقافة الرافضة للفساد داخل المجتمع، وتشكيل قوى شعبية للضغط من أجل الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية.
فعلى مستوى تعبئة المجتمع المدني، يجب الحرص على :
– الاتفاق على أجندة عمل وطني مشترك لتفادي تحول الاختلافات الإيديولوجية بين مختلف الفاعلين المدنيين إلى بؤر للصراع والتناحر بين القوى المشاركة في الجهد التعبوي.
– ضمان التمويل الآمن لمكونات المجتمع المدني المعبأة لمحاربة الفساد، حتى لا تكون عرضة للمزايدات والتبعية،
– تشبيك منظمات المجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد على الصعيد الاقليمي ما أجل خلق قوى شعبية إقليمية قريبة من نبض المجتمع وتتفهم رغباته وطموحاته.
– تشجيع مكونات المجتمع المدني على تبني الشفافية والمسائلة الذاتية واعتماد ميثاق أخلاقي والاستعمال الأمثل للموارد المتوفرة (بشرية، مادية،…)
– توطيد علاقات التعاون بين المنظمات الحكومية والغير الحكومية لتسهيل تبادل المعلومات وحسن تداولها.
– تقوية عناصر التخصص والمعرفة القانونية لدى مكونات المجتمع المدني وتعزيز القدرة الترافعية للجمعيات.
– تشجيع التحالفات الموضوعية والتكاملية بين الهيئات الفاعلة في مجال محاربة الفساد.
– تحيين التشريعات المنظمة لعمل المنظمات الغير الحكومية بشكل يضمن تبسيط المساطر وتوضيح معايير الرقابة وحدودها وتسهيل الولوج للمعلومة.
ويمكنكم الإطلاع على نص المساهمة
بصيغة PDF هــــــنــــــــا
أضف تعليقاً