عبد اللطيف اعمو: بورتريه
في إطار سلسلة البورتريهات التي تخصصها أسبوعية لافـي إيكونوميك (la vie eco) للشخصيات الوطنية، نشرت الجريدة بورتريه باللغة الفرنسية للسياسي والحقوقي عبد اللطيف أعمو في عددها الصادر من 4 إلى 10 مارس 2011.
وتعميما للفائدة، نورد أسفله ترجمة لنص البورتريه باللغة العربية.
بورتريه
عبد اللطيف أعمو ، مستشار برلماني عن حزب التقدم والاشتراكية بالغرفة الثانية
نجل الفقيه، الناشط الحقوقي … الشيوعي في القلب
في سن التاسعة عشرة سنة، عندما كان طالبا، شارك بفاس، في أحداث مارس 1965.
محاكمة علي يعته، في 1969، ستقرر في مستقبله السياسي. وسينضم لحزب التحرر والاشتراكية (حزب التقدم والاشتراكية حاليا) ولم يغادره قط.
هو واحد من مؤسسي الجمعية المغربية لحقوق الانسان والمنظمة المغربية لحقوق الانسان، ويرأس حاليا مجلس مدينة تزنيت.
عبد اللطيف أعمو هو واحد من السياسيين القلائل الذين انخرطوا مبكرا في القفزة الرقمية. فلكي يكون على اتصال دائم مع ناخبيه، أنشأ موقعا خاصا به على شبكة الانترنت. ربما لأنه فهم باكرا، وفترة طويلة قبل 20 فبراير، أن الدعوة إلى التغيير ستأتي بدون شك من العالم الافتراضي.
أعمو هو أيضا واحد من السياسيين النادرين الذين كانت لديهم الشجاعة أن يصرحوا للعموم بممتلكاتهم، وقتا طويلا قبل صدور القانون الذي يلزم المنتخبين وكبار المسؤولين بالتصريح بما بذمتهم.
إن الذين يعرفون ابن الفقيه القاضي، سليل العائلة الكبيرة، لا يفاجئون بهذا. فهو وليد البلدة الصغيرة، تيزنيت، جنوب المغرب في 25 فبراير 1946. أول الأمر تابع تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه، قبل أن يتوجه إلى تارودانت، حيث واصل تعليمه الثانوي في المعهد الإسلامي. وأنهى مساره الدراسي في فاس، حيث حصل في عام 1966 على دبلوم الباكالوريا في الأدب العربي من ثانوية تابعة لجامعة القرويين.
ففي العاصمة الروحية للمغرب، سوف يعانق الشاب أعمو السياسة لأول مرة. حيث امتدت موجة صدمة أحداث 1965 في الدار البيضاء لتشمل العديد من المدن. وفي معظم أنحاء المغرب، ردد التلاميذ والطلاب أصداء أحداث العاصمة الاقتصادية. وكان أعمو طرفا فيها. وبعد ذلك بسنة، وفي الرباط، حيث التحق بكلية الحقوق، لم يكن أخرس أمام نداءات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث انخرط بحماس في كل أنشطة النقابة الطلابية. تلكم الأنشطة التي من شأنها أن تستمر بشكل طبيعي في وقت لاحق داخل تنظيم سياسي.
ولكن، على عكس العديد من زملاءه الذين اختاروا الاندماج داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أو في منظمات من اليسار المتطرف، فحزب التحرر والاشتراكية (PLS)، وريث الحزب الشيوعي المغربي، وسلف حزب التقدم والاشتراكية الحالي، هو الذي استهوى أعمو. وقد ساهم حدثان أساسيان في توجيهه نحو هذا الاختيار. ولا يزال أعمو يتذكرهما. “أثناء اجتماع خلية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كان محمد لخصاصي (قيادي حالي للاتحاد الاشتراكي) يسير النقاش. فرفعت يدي طالبا حق التدخل، فرفض لي ذلك. حينها قررت أن مكاني لن يكون داخل فضاء لا يسمح لي بالتعبير عن رأيي”. كان ذلك في سنة 1968.
أما الحدث الثاني، فقد حصل في العام الموالي. ففي عام 1969، توبع المرحوم علي يعته واثنان من مرافقيه، وهما اسماعيل العلوي ومحمد شعيب الريفي، بدعوى تأسيس حزب محظور. وكان ذلك في الواقع، ردا على حضورهم مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية الذي عقد في موسكو في يونيو 1969.
حينها كان أعمو طالبا في كلية الحقوق، فقرر رفقة زملاء آخرين المساهمة من موقعهم في الدفاع عن قادة حزب التحرر والاشتراكية. “كنا نتكلف بنسخ المحاضر ونقوم بأعمال الترجمة… بإيجاز، كان ذلك من أبسط مهام نشطاء المناضلين. بالنسبة لي، كانت هذه المحاكمة ظلما تجاه علي يعته، وتعاطفت على الفور مع حزبه، حزب التحرر والاشتراكية، “ يتذكر أعمو. ويضيف، لقد تم حظر الحزب خلال نفس السنة.
محامي مختص في قانون الأعمال، يكرس جهده للمحاكمات السياسية
أعمو، قرر من جهته، حزم أمتعته والإبحار نحو باريس، لتحضير دبلوم تخصص في قانون الأعمال (DES) في جامعة باريس II. وفي ذات الوقت، اجتاز امتحان ولوج مهنة المحاماة في عام 1972. وبعد تخرجه للتو، في سنة 1974، عاد نهائيا إلى المغرب، حيث افتتح مكتب محاماة متخصص في قانون الأعمال بمدينة أغادير، حيث قرر الاستقرار، على بعد 90 كلم فقط من مسقط رأسه. لأن مدينته لم تكن أبدا في الواقع بعيدة عن أفكاره. وبالفعل، هناك قرب ذويه، حاول، أن يدخل أول تجربة انتخابية له (وهي تجربة مخيبة للآمال). كان ذلك في عام 1976، فحزب التحرر والاشتراكية اعترف به منذ سنة 1974، لكنه أخذ اسما جديدا، هو حزب التقدم والاشتراكية، وقرر أعمو الترشح للانتخابات باسمه في قصبة أعمو بتيزنيت. ورغم كونه مرشحا وحيدا، فإنه لم ينجح في الفوز بمقعده كمنتخب جماعي. وقد ألغت السلطات الانتخابات وفرض شخص آخر مكانه. ” لقد طلب مني أن أمتنع عن الترشيح مرة أخرى. وجعلوني أفهم أن حياتي ستكون الثمن”، يعترف أعمو.
وكان هذا الحادث موجهه إلى ساحة معركة أخرى، معركة حقوق الإنسان. وهكذا، بمعية ناشطين آخرين من حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي، قرر إنشاء الجمعية المغربية لحقوق الانسان في أكتوبر 1979، والتي غادرها بعد حوالي عقد من الزمان، ليلتحق بتجربة مماثلة. حيث سيكون من بين الأعضاء المؤسسين للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان. كما أنه عضو في منظمات أخرى مثل المنظمة الدولية للمحامين (UIA) والجمعية الدولية لنقابات المحامين (IBA).
لكن هذا كله لم يمنعه من الاهتمام بأهله وذويه من خلال تراؤسه لجمعية باني التي توفر الدعم للمصالح الصحية بالمدينة.
أعمو، كمحام وكناشط حقوقي، ظل مرتبطا بالدفاع عن المتهمين في غالبية المحاكمات السياسية لسنوات الرصاص الصعبة. وفي الوقت نفسه، سيتم تتويج التزامه الحزبي في سنة 1995 بانتخابه إلى عضوية اللجنة المركزية ثم إلى المكتب السياسي. لكنه لم يعد إلى مقارعة صناديق الاقتراع إلا سنة 1997، حين بدأ المغرب لتوه مسلسل انفتاح سياسي واسع، فقرر الترشح في مسقط رأسه، حيث انتخب برلمانيا. وعاود التجربة خمس سنوات بعد ذلك، ولكنها لم تكلل بالنجاح. وفي السنة الموالية، ترشح للانتخابات الجماعية لسنة 2003، ففاز فيها بسهولة. وهو منذ ذلك التاريخ رئيس للمجلس البلدي لمدينة تيزنيت. وفي ذات السنة، انتخب مستشارا برلمانيا بالغرفة الثانية، وسوف يصبح رئيسا للفريق البرلماني، قبل تنحيه من المنصب لفائدة رفيق آخر، في أكتوبر الماضي.
أما اليوم، فمسقط رأسه يحتكر كل اهتمامه. ومع ناشطين جمعويين، نجح في إعطاءه بعدا دوليا. فعبر المحيط الأطلسي، يتم وضع الصيغة النهائية لترتيبات التوأمة في شهر ماي المقبل مع سمرفيل، وهي بلدة صغيرة بولاية ماساشوستس، بالولايات المتحدة الأمريكية.
بورتريه بالفرنسية من إنجاز
الطاهر أبو الفرح
” LA VIE ECONOMIQUE ”
من 4 / 10 مارس 2011 – ص 57
عدد 4597
المقال الأصلي (جريدة لافي إيكونوميك) |
نص المقال البورتريه باللغة الفرنسية |
أضف تعليقاً