وداعا… عبد الله أقشوش
تلقيت ببالغ الحزن و الأسى وبقلب مؤمن بقضاء الله وقدره، خبر وفاة الدكتور عبدالله أقشوش، صباح يوم السبت 22 مارس 2014 عن سن يناهز الواحد و السبعين ربيعا بمسقط رأسه بتيزنيت.
ولد الدكتور عبد الله أقشوش سنة 1943 بمدينة تيزنيت. وهو سليل أسرة تيزنيتية عريقة بقصبة إيدزكري. ودرس بمسقط رأسه في بداية مساره التعليمي الابتدائي . وفي سنة 1960 اجتاز امتحان الولوج للأقسام الثانوية بأكادير. وانتقل بعدها سنوات 1962 و 1963 إلى مدينة الجديدة للدراسة هناك بثانوية البعثة الفرنسية. وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا ولج كلية الطب سنة 1964 ، وعند تخرجه منها في اختصاص طب النساء اشتغل لمدة طبيبا في الوظيفة العمومية .
لقد كانت إنسانيته وطيبوبته وتواضعه تبسط ظلالها على طبيعة ممارسته وتصوره لمهنة الطب طيلة مساره المهني، حيث كان يعرٌف نفسه بكونه طبيبا أخصائيا في “أمراض النساء والتوليد” باعتباره مختصا في طب النساء ولكونه طبيبا مولٌٌدا… لأن ممارسة مهنة الطب في مجال التوليد بدون رعاية ومرافقة ومتابعة للأم والطفل قبل وأثناء وبعد الولادة يجرد المهنة، في منظوره، من إنسانيتها ومن حمولتها الرمزية.
ولأنه – رحمه الله – كان يرى أن المهنة التي أحبها وكرس لها حياته هي مهنة لصنع الحياة وحمايتها، وهي كذلك مهنة لتقاسم القيم والمبادئ وتكريس الأخلاق الفاضلة، فقد دأب منذ ريعان شبابه على أن يقسم وقته بين العمل المهني والعمل الجمعوي. واستمر على سنة العمل الإنساني والخيري بعد افتتاحه لعيادته الخاصة وانتقاله من القطاع العام إلى الخاص، بعد سنوات 1974 – 1975 وظل فاعلا جمعويا نشيطا وطنيا ودوليا إلى آخر نفس من حياته.
لقد كان لفترة كاتبا عاما للهلال الأحمر المغربي بمدينة الدار البيضاء. وسكرتيرا لخدمة المساعدة الطبية الطارئة SAMU SOCIAL ، وهو من الأعضاء المؤسسين للشركة الملكية المغربية لطب النساء والتوليد SRMGO) société royale marocaine de gynécologie obstétrique), وكان كذلك عضوا مؤسسا، ثم انتخب كاتبا عاما للشركة المغربية للخصوبة ومنع الحمل société marocaine de fertilité et de contraception S.M.F.C
وفي السنوات الأخيرة تراءس الجمعية المغربية لدراسة سن اليأس “association marocaine pour l’étude de la ménopause “AMEM. كما انتخب بعدها رئيسا للفيدرالية المغاربية لدراسة سن اليأس وما بعده fédération maghrébine pour l’étude de la ménopause et de l’ostéoporose post ménopausique “F.E.M.M.O.S
وبجانب زوجته ورفيقة عمره كاترين ساند ودعم الجمعيات العاملة في مجال دعم الطفولة المحرومة، فساند منذ البداية عمل عائشة الشنا في نضالها من أجل دعم الأمهات العازبات، كما كان من نشطاء جمعية “l’heure joyeuse” وجمعية “إنصاف” INSAF.
كما كان، بجانب ثلة من الفعاليات الجمعوية الوطنية، من أوائل مؤسسي الجمعية الوطنية التي تعنى بالصم والبكم .
وعلى الصعيد الدولي، عرف بكونه عضوا نشيطا في جمعية “مولدون بلا حدود” gynécologues sans frontières ، كما تراءس جمعية PAX MEDICALIS بعد أن كان من أعضاءها المؤسسين، وهي جمعية تجمع مختلف مهنيي الصحة، من جميع الأديان والجنسيات، بحوض البحر الأبيض المتوسط، بهدف تعزيز اللقاء والتواصل بين فاعلين تقودهم نفس الرغبة في دعم السلام على المستوى العالمي.
الدكتور عبد الله أقشوش رفقة أمير إمارة موناكو
وفي دورتها الثامنة، المنعقدة بمونتون بفرنسا، قدمت جمعية PAX MEDICALIS الغصن الذهبي للمستشار أندري أزولاي، بعد أن حصل عليها في الدورة السادسة طبيب فلسطيني وهو الدكتور عز الدين عليش، الذي فقد كل أسرته في ليلة واحدة، ورغم ذلك ظل مؤمنا بقيم السلام بين اليهود والفلسطينيين.
د.عبد الله أقشوش خلال الدورة الثامنة لجمعية باكس ميديكاليس بمونتون بفرنسا
يونيو 2008
لقد كان رحمه الله مواظبا على المشاركة في الملتقيات الدولية، واشتغل بقوة، ولسنين طويلة، في تنشيط شبكات دولية مهتمة بتنمية قطاع الصحة وتحسين خدمات مهنة الطب، وخصوصا ما يهم طب النساء والأطفال. وكان يشارك باستمرار في المؤتمرات والندوات وفي اللقاءات الدولية بأبحاث وعروض علمية قيمة. وكان أمله في نهاية حياته أن يتفرغ لجمعها في كتاب يشكل خلاصة مساره المهني والاجتماعي.
وعلى الصعيد الحزبي، لا ننسى مساهمته القيمة ومشاركته المنتظمة في أشغال لجنة الصحة بحزب التقدم والاشتراكية والتي كان يتراءسها الدكتور الحسين الوردي، عميد كلية الطب بالدار البيضاء سابقا ووزير الصحة الحالي.
ورغم استقراره مهنيا بالدار البيضاء، فقد ظلت مدينة تيزنيت، مسقط رأسه، في صلب اهتماماته، حيث لم تنقطع قط صلته بموطنه الأصلي، وما تخلف يوما عن مرافقة مشاريعها الاجتماعية ودعم مبادراتها الإنسانية، وكلما طلب منه ذلك. وكان من الأعضاء المؤسسين لجمعية باني لدعم المؤسسات الصحية ومساعدة المرضى بإقليم تيزنيت في 8 مارس 1998، وانتخب نائبا لرئيسها من سنة 1998 إلى غاية الجمع العام الأخير للجمعية سنة 2013.
الدكتور عبد الله أقشوش، نائب رئيس جمعية باني لدعم المؤسسات الصحية في جلسة مع الأطباء
المشاركين في القافلة الطبية لاستكشاف سرطان الثدي وعنق الرحم لدى النساء بإقليم تيزنيت
من 1 إلى 4 دجنبر 2005
وقد كان رحمه الله عضوا بلجنة المساواة وتكافئ الفرص بالمجلس البلدي لمدينة تيزنيت. كما انتخب مديرا لمهرجان تيميزار للفضة بتيزنيت، التي حضر كل نسخها السابقة بانتظام، ولم يتغيب إلا عن النسخة الأخيرة لمهرجان الفضة في صيف سنة 2013 بسبب مضاعفات المرض.
الدكتور عبد الله أقشوش خلال حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير بتيزنيت – دورة 2013
لقد كانت رغبته، أن يتفرغ، رحمه الله، بعد اعتزاله مهنة الطب للكتابة وتدوين مذكراته ومسار حياته وخلاصة تجاربه الجمعوية والإنسانية، وهو الإنسان المعروف بحبه للفنانين والأدباء وشغفه بمعاشرة المثقفين … لكن القدر المحتوم باغته صباح يوم السبت 22 مارس 2014 قبل أن يحقق أمنيته الأخيرة، وهي أن يترك للتاريخ بصمات طبيب ظل وفيا لمهنته ولغاياتها الإنسانية، دون أن يفرط في واجبه تجاه الآخرين بالعطف والتضامن والمؤازرة والدعم وحسن المشورة وفعل الخير، كلما استطاع لذلك سبيلا.
المرحوم الدكتور عبد الله أقشوش مرافقا لعبد اللطيف أعمو و للراحل محمد الناصري
وزير العدل السابق في زيارة لمدرسة أزاريف العلمية في فبراير 2011
يعز علينا أن نفارق شخصا عزيزا تملأ إنسانيته وطيبوبته ورقته وحلاوة عشرته كل فضاءات الأخوة والصداقة والقرابة. لكن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شئ عنده بأجل مسمى … فلنصبر ولنحتسب .
فبقلب ملؤه الأسى والحزن … أتقدم بأحر التعازي وأصدقها … لزوجته كاترين ولأبناءه ياسين ورضوان ومايا … ولأسرة أقشوش ولأقرباءه ولكافة أصدقاءه وزملائه ومحبيه، سائلين المولى سبحانه أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنانه … وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان … فمصابهم مصابنا … وإنا لله وإنا إليه راجعون
عبد اللطيف أعمو
الرباح يترحم لعائلة المرحوم الدكتور عبد الله أقشوش
موقع تيزنيت الآن
Attristé par la disparition de Si Abdallah. Homme humble et affable, il avait le sens de l’autre et le souci de la cohérence entre le verbe et l’acte. Qu’il repose en paix
عزاءنا واحد الأخ والأستاذ ورفيقنا العزيز أعمو، الله يرحمه وينور له ظلمات القبر ويرحم أموات المسلمين، ويرزقكم الصبر. لم أكن أعرف المرحوم كما اكتشفته من خلال ماكتبتم عنه، في الحقيقة كان انسانا رائعا بكل المقاييس . رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.