إصلاح المشهد الإعلامي المغربي
خلال جلسة الأسئلة الشفهية ليوم الثلاثاء 22 يوليوز 2014 وجه المستشار عبد اللطيف أعمو سؤالا للسيد وزير الاتصال حول إصلاح المشهد الاعلامي في المغرب.
لقد تضمن السؤال أصلا سبعة محاور . لكن ضيق الوقت حال دون طرحها بالكامل… ونوردها ضمن هذه المادة الإخبارية كاملة لتعميم الفائدة :
إن دستور فاتح يوليوز 2011، نص على العديد من الحقوق، ومنها حرية التعبير والإعلام، وعززها بالعديد من الضمانات، وعلى ضوء مواكبة الإعلام المغربي للمقتضيات الدستورية.
فالإعلام يلعب دوراً أساسياً وبارزاً في حركية المجتمعات. فهو يصنع الرأي العام ويبلور السلوكات تجاه الأحداث اليومية المتسارعة ويضعها في سلم الاهتمام إما بتضخيمها أو بالتقليل من أهميتها، ويوجه الميول والرغبات. فوظائف الإعلام متعددة ومهامه متنوعة تتداخل مع وظائف جل القطاعات الحيوية.
ولقد ظل المشهد الإعلامي مواكبا لمسلسل الإصلاحات بالمملكة، التي انطلقت منذ تسعينات القرن الماضي.
نسائلكم السيد الوزير عن أهم تجليات إصلاح المشهد الإعلامي المغربي على ضوء سلسلة من الملاحظات ، نوردها كما يلي:
-1-
إن الوحدة المعيارية الأساسية لقياس ورصد مستوى ممارسة حرية الصحافة تستمد مرجعيتها من الفصل19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تؤكد أن” لكل شخص الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود الجغرافية.
لكن رغم التقدم الذي يشهده المغرب في مجال التشريع والممارسة في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان وقانون الصحافة، فتقارير المنظمات والهيئات المحلية والدولية ما زالت تصنف المغرب في مراتب متدنية في تصنيف الدول المقيدة للحرية في مجال الصحافة.
-2-
إن العديد من التقارير ترصد نوعا من التباطئ في إصدار القوانين الضرورية وضعف الجهد التشريعي لمرافقة الإصلاح الدستوري والقيام بالإصلاحات الضرورية في المشهد الإعلامي المغربي، الذي ما زال يعاني من أزمات بنيوية تتمثل في تراجع مبيعات الصحافة المكتوبة، واستمرار تدني خدمة المرفق العام في وسائل الإعلام العمومية، وضعف جودة المنتوج الصحفي والإعلامي، وتعرض الصحفيين للمضايقات.
والعديد من الملاحظين يقرون بتخلف البيئة القانونية مقارنة مع البيئة الدستورية في مجال الصحافة في المغرب.
أين يكمن الخلل؟ وكيف يمكن إصلاحه ؟
-3-
إن الهدف الأسمى من إصلاح المشهد الإعلامي هو بناء مغرب قوي ومتماسك منفتح إعلاميا وثقافيا على التحولات الإقليمية والدولية مع تثمين الهوية المغربية والرفع من إشعاع النموذج المغربي .
ولن يتأتى ذلك إلا بالحرص الشديد على تقديم الأخبار ومقارعة الأفكار بطريقة موضوعية ونزيهة وصادقة في إطار احترام أخلاقيات مهنة الصحافة، وتوسيع الحق في الوصول الى الخبر والتعامل معه بشكل جدي ومفيد، مع الحرص على التطبيق السليم لتوصيات المناظرات حول هذا القطاع. وهذا يقتضي كذلك خلق مناخ ملائم لتفجير المؤهلات الإعلامية الوطنية ودعم بروز الكفاءات وتوفير الإمكانيات لإنجاح إصلاح حقيقي يدعم حرية الإعلام والتواصل المؤسساتي.
فما هو تقييمكم لوتيرة وضع سلسلة من الاجراءات، كاعتماد دفاتر التحملات جديدة، والاشتغال على عقد برنامج… إلخ
-4-
الإصلاح الحقيقي للإعلام المغربي يقتضي منا أن نحدد أي إعلام نريده للمغاربة ولمغرب الألفية الثالثة.
نحن في حاجة إلى إعلام تعددي ومنفتح مع هامش واسع “نسبيا” على مستوى حرية الإعلام. ونطمح لمأسسة العمل الإعلامي المهني.
فالإعلام لا ينتعش بالمال وحده، لكنه يحيا بالإبداع وبالعطاء الصادق وبالمهنية. ولكن إذا اجتمع الإعلام والمال والاستبداد ضاعت الحقيقة.
-5-
إن مشروع الجهوية والنقاش الدائر حول المستجدات الدستورية والقانونية المرتبطة بالمكانة الحالية للجهة داخل البناء المؤسساتي، يجعلنا نطرح إشكالية الإعلام الجهوي، ودوره في تقوية حق المشاركة.
والواقع يؤكد أن الإعلام الجهوي لم يفلح في خلق نماذج رائدة لوسائط اتصال محلية وجهوية .
من الضروري تطوير وهيكلة الإعلام الجهوي، حتى يتأتى له الاضطلاع بدوره المتعلق بممارسة تواصل القرب في ضوء الخصوصيات الثقافية والديمغرافية واللغوية لكل جهة.
فكيف يمكن توجيه الإعلام الجهوي نحو مزيد من الاستقلالية والمهنية والجودة، وتقديم خدمة المرفق العام؟
-6-
إن بروز مجتمع مدني قوي وصحافة مستقلة جريئة اخترقت هوامش لم يكن يجرؤ أحد على الاقتراب منها… تدعونا إلى طرح إشكالية تدبير الإعلام الجمعوي وتأطيره.
فتدبير الانتقال الديمقراطي يُطرح علينا سؤالا جوهريا حول حدود الصحافة الالكترونية والجمعوية وحدود الحرية وحدود الاستقلالية لهذه الصحافة .
يجب إقرار إطار قانوني يسمح بوجود الإذاعات الجمعوية بالمغرب و تقييم تطلعات واحتياجات المجتمع المدني فيما يتعلق بالإعلام و التواصل خاصة الجمعوي منه، ودراسة الإطار التشريعي للمجال السمعي البصري بما يضمن انفتاح الإعلام على الإذاعات الجمعوية وعلى وسائل الإعلام الإلكترونية والذي يشمل الجوانب التطبيقية، ويهدف إلى تقوية قدرات الفاعلين الجمعويين التقنية والمعرفية لخلق و تنشيط إعلام جمعوي، و ذلك من خلال برنامج التدريب و التكوين لفائدة الفاعلين الجمعويين، بما يضمن التعددية وانفتاح الإعلام على الإذاعات الجمعوية.
فما هو تصوركم في هذا الباب؟
-7-
تحدثتم ، السيد الوزير، غير ما مرة عن إطلاق الجيل الثاني من الإصلاحات في قطاع الصحافة والإعلام ، والتي تحتمها الالتزامات الدولية للمغرب ومقتضياته الدستورية الجديدة التي أرست عددا من التوجهات، منها على الخصوص، الحق في الوصول إلى المعلومة وحرية الصحافة، وتشجيع التنظيم الذاتي للمهنيين وحماية التعددية اللغوية والسياسية والثقافية في المجال السمعي البصري. ما هي أهم أبعاد الجيل الثاني من الاصلاحات؟
أضف تعليقاً