?>

من أجل تقوية قدرات مشاركة البرلمانيين في تحليل الميزانية

abc-2

ورقة عمل تهم تصور فريق التحالف الاشتراكي لتقوية قدرات مشاركة البرلمانيين في تحليل الميزانية أعدت بمناسبة إحداث خلية تحليل الميزانية بمجلس المستشارين

مارس 2008

 


 

من أجل تقوية قدرات مشاركة البرلمانيين في تحليل الميزانية

مارس 2008

إذا كانت الميزانية (القانون المالي) أداة تقنية لتقديم المداخيل ونفقات الدولة، فإن أهميتها تكون أكبر في كونها نصا يحدد التوجيهات السنوية للحكومة، ويعكس القيم الأساسية التي ترتكز عليها إختياراتها، ويبين رؤية هذه الأخيرة حول الوضعية الإقتصادية والإجتماعية للبلاد .

كما أنها تعد بمثابة تصريح عن الأهداف التي تسطرها الحكومة في برنامجها وتوقعاتها وتعبر عن أولويتها الإقتصادية والإجتماعية .

ومن هذا المنظور، فإن الميزانية لها أهمية قصوى لضمان الشفافية والمسؤولية، بحكم أن هذين العنصرين يعدان أمران دستوريان باعتبار أن الشفافية ملازمة لمسار تنفيذ الميزانية، وأن المسؤولية تكمن في قلب الديموقراطية .

ولذلك، فإن مسؤولية البرلمان لا تنحصر في مجرد التصويت على القانون المالي، بل تبقى قائمة في واجب تقوية دوره في المراقبة والمحاسبة، لأن مراقبة المال العام تعد من المكونات الأساسية للديموقراطية .

وعلى هذا الأساس، حدد القانون الدستوري العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية في مجال تنفيذ الميزانية وفي ممارسة هذه المسؤولية من طرف البرلمانيين، إلا أنه يلاحظ في غالب الأحيان وجود بعض الإكراهات تحول دون ممارسة البرلمان لوظيفته هذه كاملة في مجال مراقبة الميزانية وصرفها.

هذه الإكراهات تحول دون مشاركة البرلمانيين على القدر المطلوب وبشكل فعال في مسار بناء الميزانية، إعدادا وتأهيلا ومصادقة، وبالخصوص في مجال مراقبة التنفيذ.

هناك عدد لا يستهان به من العراقيل من ضمنها :

– الإطار القانوني والدستوري الذي حجم من دور البرلمان في أداء وظيفته في مراقبة الميزانية ( الدستور – القانون التنظيمي للمالية ).

– العلاقة القائمة بين الحكومة والأغلبية والتي في غالبية الأحيان تتسم بتساهل في فرض مبدأ الإستقلال وضعف الوظيفة التمثيلية في اتجاه دعم الحكومة بدون قيد ولا شرط ( الأغلبية الواسعة أو الأغلبية الظرفية وضعف المعارضة ).

– نظام وطبيعة تكوين اللجنة المالية الذي يتسم بالضعف في المشاركة الفعالة في النقاش ودراسة الميزانية .

– عامل الزمن حيث غالبا ما تكون دراسة الميزانية مضغوطة بضيق الزمان، إما للتأخير في تقديمها أو للبطء في معالجتها داخل اللجنة، زيادة على ضعف الكفاءات والإمكانيات في تحليل الميزانية على الشكل المطلوب .

ومن أجل خلق ديناميكية لتطوير العمل البرلماني في مجال دراسة الميزانية، يتعين العمل على تقوية وتأهيل سلطة البرلمان في تعديل قوانين المالية، وهو ما يستوجب إعادة النظر في بعض أجزاء الدستور الخاصة بكيفية معالجة الميزانية في البرلمان وكذلك مقتضيات القانوني التنظيمي للمالية.

كما أن الحرص على ضمان إقرار حكامة جيدة في مجال ميزانية الدولة، يستوجب فتح مجال مساهمة البرلمان في تحديد سياسية ميزانية الدولة في الأمد المتوسط لضمان الإستقرار وتفعيل التطور المستمر، والتحفيف من التوثرات على رأس كل سنة .

بجانب هذا، لا بد في نظرنا من وضع آليات للتحليل المستقل للميزانية ضمن أجهزة البرلمان، لأن تأهيل البرلمانيين وتقوية قدراتهم على فهم وتحليل الميزانية بكيفية مستقلة، مسألة ضرورية لمشاركتهم الفعلية في مسلسل جودة المؤسسات.

وهذا التأهيل ضروري حتى في حالة توسيع السلطات القانونية للبرلمان في مجال الميزانية وتوفر فضاء سياسي واسع، لأن ذلك مطلب ضروري للإختيار الأحسن للميزانية، لأن ميكانيزمات تحليل الميزانية تعتبر مسألة ضرورية لأنها تعتمد على المراقبة المفصلة، وتفترض في حد ذاتها تحليلا مفصلا. وهو ما يتعين معه وجوبا أن تكون لدى البرلمان آلية للإخبار والتواصل والتحليل المستقل للميزانية .

ويستحسن أن تكون هذه الآلية ضمن أجهزة البرلمان والتابعة له دون أن يكون هذا حائلا للإستعانة بالكفاءات التحليلية من فرق عمل متخصصة ومستقلة مكونة من اقتصاديين وباحثين ولو في القطاع الخاص.

على أن تكون هذه الخلية متخصصة في تحليل الميزانية وتوفير أكبر قدر من المعلومات والأخبار في كل ما من شأنه أن يوفر الظروف والإمكانيات لتحسين قدرات وكفاءات البرلمانيين، وما سيمكنهم من الإستعمال الأحسن للأخبار والمعلومات المتوفرة حول الميزانية، وتمكنهم من معلومات حول السياسة الإقتصادية والمالية للدولة .

وأنني لا أشك في أن مبادرة إحداث هذه الخلية بمجلس المستشارين بتعاون مع هيئات دولية، ليعتبر لبنة أساسية في دعم البرلمان والبرلمانيين، هذه الخلية التي ينتظر منها الشيء الكثير .

وما المبادرة إلى وضع نشرة للمعلومات حول نشاط خلية تحليل الميزانية للتعريف بها والدعوة إلى الإهتمام بها واستغلال خدماتها، لأكبر دليل على أن الإنطلاقة جيدة. وهي بذلك تستدعي كل الدعم والعناية .

عبد اللطيف أعمو

رئيس فريق التحالف الإشتراكي

من أجل تقوية قدرات مشاركة البرلمانيين في تحليل الميزانية









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012