عبد اللطيف أعمو ضيف مجلة “الشأن المحلي”
تطرقت حلقة هذا الأسبوع من برنامج “الشأن المحلي”، من تقديم سليمة اليعقوبي على قناة تمازيغت، لفيضانات نهاية شهر نونبر الماضي، وإبراز مكامن الخلل في تدبير الكوارث الطبيعية على الصعيد الوطني.
وقدمت المجلة الحوارية المتمحورة حول تدبير الشأن المحلي، والتي استضافت في حلقتها ليوم الأربعاء 10 دجنبر 2014 الأستاذ عبد اللطيف أعمو بصفته كبرلماني وكرئيس للمجلس البلدي لمدينة تيزنيت، خلاصة لأهم الدروس الواجب استنباطها من عواقب التساقطات المطرية الأخيرة على البنيات التحتية بمختلف الجهات المنكوبة بوسط وجنوب المملكة، وخصوصا بإقليم تيزنيت.
لمشاهدة البرنامج الذي دام زهاء 48 دقيقة :
خلاصة باللغة العربية لأهم ما ورد على لسان عبد اللطيف أعمو في برنامج “شؤون محلية”
في بداية البرنامج، شكر السيد عبد اللطيف أعمو القناة الأمازيغية على اهتمامها المباشر بشؤون مناطق أغلب سكانها امازيغ، وبمتابعة أوضاع المواطنين جراء الفيضانات الأخيرة.
هذه الفيضانات التي شملت أقاليم أكادير وتارودانت وتيزنيت وسيدي إفني وورززات وتنغير وزاكورة وكلميم بحوضي سوس وماسة ودرعة وواد نون.
وبخصوص تتبع الأوضاع، سجل انتظار الساكنة لمدة طويلة لنعمة الأمطار، وأملها أن تكون خيرا على العباد والبلاد بفعل الجفاف المستمر لسنين، وذلك بالرفع من حقينة السدود وتعزيز الفرشة المائية وانتعاش الفلاحة.
لكن الأمطار، بفعل كثافة وقوة التساقطات، أظهرت بأن جهة سوس ماسة درعة، وغيرها من مناطق الجنوب الغربي والشرقي غير مجهزة بالشكل المطلوب، ولو ببنيات تحتية عادية، تضمن سلامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم.
وما يجب قوله في كلميم وتيزنيت وورززات وغيرها هو أن هشاشة البنيات التحتية هو القاسم المشترك. وكان من الممكن – رغم قوة السيول – ألا تحصل خسائر بهذا الحجم، لو كانت البنيات التحتية في مستوى مقبول.
ورغم الخسائر الفادحة في البنيات والممتلكات، وخصوصا بتيزنيت وأكلو، فلم تسجل خسائر بشرية مباشرة بفعل الفيضانات بنفس حجم الخسائر المادية. كما سجل ذ. أعمو بارتياح كبير جو التضامن والتآزر بين السكان بمختلف المناطق وبالدواوير وبالمدن، لكي لا تقع خسائر بشرية، ولكي يضمنوا توفير ضروريات الحياة الأساسية للمنكوبين.
لكن الخسائر المادية مهمة: فالمنازل هوت، والمزارع والحقول جرفتها المياه، والمواشي نفقت، والعديد من الطرق أصبحت غير صالحة للاستعمال، دون ذكر القناطر التي انهارت أو أصبحت غير قابلة للاستعمال بشكل شبه كامل، حيث حوصرت تيزنيت وسيدي أفني وتافراوت … وغيرها من الجماعات القروية لأيام دون أن تجد لها منفذا لباقي جهات المملكة.
أما بخصوص السور التاريخي لتيزنيت، فقد فقدنا جزءا كبيرا منه قرب باب تاركا وباب الخميس، ورغم الجهود المبذولة طيلة السنوات الأخيرة لترميمه. فقد أدت كميات المياه المحيطة به لأيام إلى انهيار جزء منه .
إجمالا، يقول ذ. أعمو، فالسكان يشكرون الله على نعمة الماء، لكن يجب معالجة آثار التساقطات المطرية الأخيرةـ باستعجال وبشكل منصف وعادل. وعلى الدولة والجماعات المحلية أن تتعبأ لذلك، وتتعاون لكي يتم إيواء المتضررين الذين ما زالوا دون إيواء.
ويضيف عبد اللطيف أعمو بأن التعاون من أجل الاسعاف والإعانة والإغاثة تقليد بالمنطقة، وقامت به الجمعيات وهيئات المجتمع المدني وأطرته هيئات المجتمع المدني. والفعل التآزري أكيد وطنيا ودوليا، لكن هذا الوضع الكارثي أظهر محدودية وضعف التدخلات العمومية لمواجهة الكوارث.
وحول تحديد المسؤولية، أكد عبد اللطيف أعمو بأن المسؤولية هي مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى، لأن على الدولة، من خلال جهازها التنفيذي واجب التجهيز وضمان سلامة البنيات التحتية. وعليها أيضا واجب حماية المواطنين وتأمين سلامتهم وخلق ظروف وشروط تمتيعهم بالحد الأدنى من الطمأنينة وعدم الخوف من المخاطر.
وتتبين المسؤولية، يضيف ضيف “شؤون محلية” بين الموجة الأولى والثانية من الفيضانات، بحكم استبعاد عنصر المفاجئة والاستعداد في المرة الثانية. لكن استعداد المواطنين وحده غير كاف لمواجهة المخاطر، لأن البلاد ما زالت بنياتها وأدوات تدخلها لمواجهة المخاطر هشة وغير فعالة بالشكل وبالسرعة المطلوبة.
وعشنا هذا الضعف بتيزنيت. فالوقاية المدنية ليس لديها ما يكفي للتدخل عدة وعتادا. والسلطات المحلية عاجزة ولا تملك الوسائل لمواجهة المخاطر بصفة استعجالية. فهي قد تعاين وتتحرى الوضع، لكن هذا غير كاف بالمرة، في حالة الحاجة إلى تدخلات مستعجلة للإسعاف والإنقاذ في وسط وفي ظروف وفي بيئة صعبة. الجماعات المحلية من جهتها إمكانياتها محدودة ومواردها البشرية غير مدربة على التدخلات أثناء الكوارث.
على البلاد، يؤكد ذ. أعمو، أن تتوفر على أجهزة فعالة وفاعلة لمواجهة المخاطر والوقاية منها. وأن تتوفر على استراتيجيات استباقية وعلى تدخلات مدروسة وواقية.
وهذه الأمطار لا يمكن وصفها أساسا بالطوفانية، مقارنة مع بلدان أخرى في آسيا أو قريبا منا في أوروبا. وهي تعاني سنويا من مثل هذه التساقطات وبمستوى سيول أعلى وأخطر. ولو توفرت لدينا القناطر وقنوات صرف المياه الواسعة الحمولة والبنيات التحتية الواقية والصلبة، لما حصل كل هذا.
وبخصوص سؤال حول البرنامج الاستعجالي لمعالجة آثار الفيضانات، صرح ذ. أعمو بأن وزير التجهيز والنقل واللوجستيك قد قدم رقما يتجاوز المليار كتوقع لتكاليف إصلاح الطرق والقناطر والمنشآت الفنية اللآزمة لإعادة الوضع إلى ما هو عليه قبل الفيضانات، ولكنه أبدى تشكيكه في صحة هذه التوقعات، مشيرا إلى أنه يرى في تقديره أن هذه الأرقام يجب أن تراجع، وستكون بالتأكيد أعلى بكثير من هذه التقديرات الأولية. فعلى صعيد إقليم تيزنيت كنموذج تم إنجاز تقييم للحاجيات الضرورية لمعالجة أثار التساقطات العاصفية بإقليم تيزنيت بشهر نونبر 2014، حسب القطاعات الوزارية المعنية، ووصلنا إلى تقديرات تفوق المليار ونصف مليون درهم فقط على صعيد إقليم تيزنيت. وأقاليم كلميم وورززات وسيدي إفني… وغيرها ستتطلب، لا محالة، ميزانيات استعجالية مضاعفة. فالخسائر كبيرة.
البرنامج الإستعجالي لمعالجة أثار التساقطات العاصفية بإقليم تيزنيت
وعلى الدولة أن تقوم بالتدابير الاستعجالية التالية:
1) التعجيل بوضع برنامج استثنائي، ووضع ميزانية خاصة لمواجهة آثار الفيضانات،
2) وضع برنامج وطني للحماية والوقاية من المخاطر،
3) تجهيز البلاد لتكون في مستوى المواصفات التقنية المطلوبة في مجال تهيئة المنشآت الفنية والهندسية. وتتوفر فيها ضمانات للوقاية من المخاطر، خصوصا وأن بلادنا ستواجه مستقبلا مخاطر أكيدة مرتبطة بالتحولات المناخية وانعكاساتها على حياة المواطنين، وخصوصا منهم الذين يوجدون في وضعية هشاشة.
4) لا يجب التعامل مع هذه المتغيرات المناخية، مستقبلا، كمفاجئات أو كوضع استثنائي، بل كمعطى قائم ووارد ومدروس ومهييء ومحضر له.
وبخصوص سؤال حول الاستعدادات الاستباقية على مستوى الجماعة الحضرية لتيزنيت كنموذج، أقر السيد رئيس بلدية تيزنيت بأن التحضير المسبق لمواجهة الفيضانات يكون فعالا، إذا كانت التجهيزات أصلا في المستوى المطلوب. أما إذا كانت هشة ، فلا نقوم إلا بإصلاحات طفيفة وترقيعية.
وفي هذا الصدد، أكد أن زمن سياسات الترقيع قد ولى، وأن علينا جميعا، جماعات محلية وسلطات محلية وحكومة، اعتماد مقاربات راديكالية مغايرة ومختلفة عما سبق.
والحديث عن قنوات الصرف الصحي، يؤكد هذا، لأن جلها يحتاج إلى تغيير، ومنها ما هو متقادم وغير صالح اليوم، ولا يكفي للحاجيات المستقبلية.
ويجب بهذا الخصوص، في رأي أعمو، أن نجهز المدن والقرى تجهيزا حقيقيا.
فالبرنامج الوطني المعتمد منذ سنين لتوفير قنوات لتصريف مياه الأمطار والصرف الصحي بالمدن قد وفر له البنك الدولي اعتمادات هامة. ولكن البطء في الانجاز والتعقيدات في المساطر وتلكؤ الشركاء في الالتزام أدى إلى تعثر إنجاز المشاريع المهيكلة التي كانت ستؤمن مجالاتنا الحضرية والقروية وتحمي المواطنين وممتلكاتهم من الضياع.
كمثال، أورد عبد اللطيف أعمو، رئيس بلدية تيزنيت، تجربة تيزنيت في مجال التدبير المفوض مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، فهو حسب قوله، آخر من يعلم أو آخر من يكترث لمخاطر الفيضانات. وينجز الاصلاحات ببطء شديد. أما تصميم التهيئة لقنوات الصرف الصحي وتوسيع الشبكة، فنحن ننتظر لعشرات السنين انطلاق الدراسة لا غير. فما بالك بالإنجاز والمراقبة والمتابعة والتتبع… فقد ننتظر عشرين سنة أخرى !
إنها مشاكل مرتبطة بالحكامة والالتزام في إطار التعاقد. ونحن نعيشها للأسف مع مؤسسة عمومية. فما بالك بتجارب مدن أخرى مع شركات أجنبية أو خاصة قد لا يهمها أساسا إلا الربح والتقليص من الاستثمار في البنيات والتجهيزات ومن مصاريف توسيع الشبكات القائمة.
اليوم، أصبحت الوقاية والحماية من المخاطر أولوية قصوى في مجال التجهيز. وعلينا الانكباب عليها بجدية وبصدق وبمسؤولية- يقول عبد اللطيف أعمو.
وبشأن السؤال حول انهيار القناطر وهشاشة البنيات، أضاف أعمو، بأننا للأسف، لا نتوفر على مخططات موازية للمخططات الوطنية للتجهيزات المطلوبة والضرورية والضامنة للسلامة.
فبعض المشاريع – يضيف أعمو – تنجز بسرعة أو جراء ضغوطات من قبل منتخبين أو جهات أخرى، وتنجز غالبا بطرق ترقيعية وسطحية، لا تحترم المعايير التقنية ولا قواعد الدراسات حتى، ولا تخضع أحيانا أخرى لطلبات العروض… وتكون ناقصة حتى في إنجازها.
نحن نحتاج إلى تجهيزات تحتية تستجيب لمعايير الحماية من المخاطر واؤدي وظيفتها العملية التي من أجلها وضعت وبشكل ملائم.
في مجال المراقبة، أكد ذ. أعمو، أن المراقبة قائمة لما هو موجود، وتتم دوريا وبانتظام، ونحن بحاجة إلى تثمين وتحسين تجهيزاتنا بشكل مستمر ومنتظم. لأن المجتمع يتطور وتتطور حاجياته وتكبر. وعلى التجهيزات والبنيات التحتية، وخصوصا المهيكلة والأساسية منها، أن تساير هذا التطور. وتكون في مستوى طموحات المواطنين كما ونوعا.
أضف تعليقاً