المرأة في المناطق الجبلية
بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة…شارك عبد اللطيف أعمو صباح يوم الخميس 8 مارس 2012 بتاحناوت بالحوز في فعاليات يوم دراسي تحت عنوان ’’وضعية المرأة بالمناطق الجبلية ومفهوم الحكامة الترابية” حيث كان اللقاء فرصة لتقديم مقترح قانون يتعلق بإحداث مجلس وطني للمناطق الجبلية وإحداث وكالات خاصة بالكتل الجبلية الرئيسية والذي بادر فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين إلى اقتراحه منذ سنة 2009. |
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف الثامن مارس من كل سنة، نظمت عمالة إقليم الحوز، بمقرها بتحناوت، يوما دراسيا حول موضوع «وضعية المرأة في المناطق الجبلية، ومفهوم الحكامة الترابية».
اللقاء (برنامج اليوم الدراسي) الذي عرف مشاركة ممثلي القطاعات الحكومية المعنية، ساهمت فيه أيضا عدة هيئات للمجتمع المدني وعلى رأسها جمعية تنمية عالم الأرياف في إطار حرصها الدائم على المساهمة في جهود تحسين أوضاع ساكنة الارياف، وخاصة المرأة القروية التي تعد في أمس الحاجة لإدماجها الفعلي في مشاريع التنمية البشرية.
واستعرض المشاركون في هذا اليوم الدراسي الصعوبات الكبيرة والمتنوعة التي تواجهها المرأة التي تعيش في المناطق الجبلية، والتي تعاني من العزلة ونقص الإمكانيات وغياب الموارد المادية، وخاصة صعوبة ولوج الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة. وهذا لا ينفي أن المرأة التي تقطن الأرياف، استطاعت، رغم أوجه معاناتها المتعددة، أن تحقق العديد من الإنجازات من أجل الارتقاء بمعيشها اليومي.
وكان اليوم الدراسي مناسبة كذلك لاستعراض عدد من الحالات والشهادات على لسان النساء القرويات أنفسهن.
ومن بين التوصيات التي خرج بها هذا اليوم الدراسي، ضرورة إحداث مجلس وطني للمناطق الجبلية وإحداث وكالات للتنمية في أهم المناطق وعلى رأسها منطقة غرب الأطلس. كما أكد المشاركون على ضرورة العمل بكيفية مندمجة على عدة مستويات من أجل تحسين ظروف عيش الساكنة في هذه المناطق، وذلك من خلال تنسيق الجهود بين القطاعات العمومية وهيئات المجتمع المدني، بهدف خلق مشاريع مندمجة تمكن من رفع العزلة وتوفير الخدمات ومكافحة الفقر والعوز لدى الساكنة.
وجاء تدخل عبد اللطيف أعمو بصفته البرلمانية على إثر عرض الأستاذ سعيد بوجروف حول “تشخيص الواقع الجبلي بالمغرب” وتكملة لعرض الأستاذ مولاي اسماعيل العلوي، رئيس جمعية تنمية عالم الأرياف، ضيف شرف اليوم الدراسي، الذي خصصه لمقترح قانون يتعلق بإحداث مجلس وطني للمناطق الجبلية وإحداث وكالات خاصة بالكتل الجبلية الرئيسية.
عن جريدة بيان اليوم تحت عنوان “موضوع لقاء دراسي بتحناوت: تحسين أوضاع النساء في المناطق الجبلية”
المناطق الجبلية: مشاكل خاصة وفريدة تقتضي حلولا نوعيّة وجريئة
على إثر تبني الفصل 13 من أجندة القرن 21 دوليا والمتعلق بإدارة النظم البيئية الهشة وبالتحديد التنمية المستدامة للجبال في “قمة الأرض” التي عقدتها منظمة الأمم المتحدة عام 1992. وبعد أن تعزز هذا الاتجاه بتسمية سنة 2002 سنةً دوليةً للجبال، أخذ الوعي بأهمية النظم البيئية والمجتمعات الجبلية في الازدياد. وتوسع الاعتراف ليس فقط بضرورة حماية بيئات الأراضي المرتفعة، بل حتى بضرورة ضمان النماء الاقتصادي والاجتماعي لقاطني المناطق الجبلية عبر العالم.
وحسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فإن الجبال لم تبدأ تسترعي اهتمام صانعي القرار السياسي على الصعيد الدولي إلا في وقتٍ متأخر.
لكن ما زال عمل كثير ينتظرنا في أفق ترجمة هذا الوعي المتنامي بضرورة تنمية المناطق الجبلية وحاجتنا الملحة إلى قوانين وسياساتٍ خاصة بالجبال تحديداً.
لأن 700 مليون فرد أي أن شخصا من بين 12 يعيش بالمرتفعات وبمناطق جبلية عبر العالم. وأن المجتمعات الجبلية هي من بين أفقر المجتمعات وأكثرها تأثراً بالتقلبات المناخية وأكثرها عرضة للجوع وللعزلة عبرالعالم. إذ يعيش ما يقارب 250 مليون شخص من سكان الجبال في مناطق ريفية بالبلدان الفقيرة المهددة بصفة مباشرة بإنعدام الأمن الغذائي.
وبالمغرب، تحتل المناطق الجبلية مكانة هامة ، فعلى مستوى المساحة فهي تغطي نسبة 25 % وتمتد على مساحة 10 % من مجموع 16 جهة اقتصادية و 31 إقليما و 70 بلدية و 650 جماعة قروية أي حوالي 50 % من الجماعات القروية.
وقد أقــٌر تشخيص المجال المغربي خلال الحوار الوطني حول إعداد التراب الوطني بداية سنوات 2000 بأن “لا وجود للمغرب دون جباله، فهي مصدر الحياة. لكنها مصدر تعرض للتهميش ولسوء المعاملة لمدة طويلة. إن مفهوم التنمية المستدامة كان له الفضل الكبير في إبراز دور هذه المجالات المهمشة والمحتقرة.”
وأوصت خلاصات الحوار بأننا “… في حاجة إلى سياسة للمناطق الجبلية ترتكز على مبدإ التضامن الوطني .. وتستطيع التوفيق بين حماية المجال، وجودة الحياة لفائدة ساكنة هذه المناطق بجانب تثمين المؤهلات السياحية. هذه السياسة لن تستطيع حتما أن ترى النور دون الاعتماد على المبادرة ومشاركة السكان المعنيين. «
وكانت الظروف المناخية الاستثنائية التي عاشها المغرب خلال مطلع سنة 2012 سببا في إعادة أوضاع المناطق الجبلية إلى الواجهة، حيث عانت جبال الأطلس من موجة برد وصقيع لم يسبق لها مثيل في البلاد منذ سنوات عديدة، أفضت إلى عزل قرى وبوادٍ بأكملها عن محيطها الخارجي بسبب محاصرتها من طرف الثلوج الكثيفة وجعلت من طرق نجدتها والمنافذ المُتاحة للوصول إليها عبر المساعدات المختلفة الرسمية منها وغير الرسمية أمرا صعبا. حيث تعرضت “دَواوير” وقرى جبلية بأكملها في جبال الأطلس وسط البلاد للعزل عن العالم الخارجي، منها مثلاً منطقتا “تونفيت” و”أنفكو” بالقرب من مدينة خنيفرة، ومنطقة “أحنصال” وغيرها من البوادي التي تجاور مدينتي أزيلال وبني ملال، وذلك نتيجة إغلاق الثلوج للطرق والمسالك وعزلة المناطق الجبلية أصلا بسبب ضعف البنيات التحتية.
مما أعاد إلى الواجهة موقع المناطق الجبلية من مخططات إعداد التراب الوطني.. من منطلق أن المرتفعات والمناطق الجبلية لها خصائص طبيعية وبشرية تتطلب نهجاً مختلفاً وهو ما يفترض استراتيجياتٍ خاصة بالجبال، تقوم على أساس بحوثٍ ومعارف خاصةٍ بالجبال حصرياً.
فأغلب التشكيلات الغابوية تتركز في المناطق الجبلية باستثناء غابة المعمورة، كما تعد المناطق الجبلية من أجمل المناطق على المستوى البيئي والسياحي، كما تتميز بالتنوع الإثني والغنى الثقافي والتاريخي، بجانب كونها تعد خزانا أساسيا للمياه وتعد منبعا لأهم الأنهار المغربية مثل سبو وأم الربيع، بالإضافة إلى كونها تزود المدن بالكهرباء والطاقة.
ما نحتاجه اليوم هو قوانين خاصة حصرياً بالمناطق الجبلية
فلكل هذه الأسباب، ولأخرى لا تقل أهمية وخطورة ، بادر فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين إلى اقتراح قانون يتعلق بإحداث مجلس وطني للمناطق الجبلية وإحداث وكالات خاصة بالكتل الجبلية الرئيسية ، من منطلق أنه يجب الخوض في عمل جاد مؤداه إنقاذ المناطق الجبلية الوطنية وأساسا سكانها المتشبثين بثقافتهم وبطقوسهم وأساليب عيشهم، وهو ما يسعى هذا المشروع إلى المساهمة فيه من خلال إحداث مؤسسة عمومية تسمى ” المجلس الوطني للمناطق الجبلية”. ومن بين أهداف هذا المشروع ، المساهمة في جعل حد لتدهور أوضاع الموارد الطبيعية بالمناطق الجبلية والتقليل من الهوة والفوارق التي تجعل هذه المناطق وسكانها بعيدة عن المتوسط الوطني العام، مما يستوجب مناهضة الفقر بتشجيع التنمية البشرية الذاتية والمحلية وتبني مقاربات تهدف المشاركة الواعية للسكان، والسعي إلى الإدماج الاقتصادي لهذه المناطق في النسيج الوطني.
وعلى الرغم من فوائد تبني قانون يتعلق بإحداث مجلس وطني للمناطق الجبلية وإحداث وكالات خاصة بالكتل الجبلية الرئيسية كهذا وطنيا، فأملنا هو أن يكون المغرب ضمن الدول القلائل التي اعتمدت قوانين خاصة بالكتل الجبلية، لأن معظم البلدان لا تملك سياساتٍ أو قوانين خاصة بالجبال من شأنها أن تمكن سكان هذه المناطق من إدارة النظم البيئية للجبال على نحوٍ فعال ومثمر اقتصاديا وبيئيا وثقافيا،
ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تستدل بنموذج النيبال للتحفيز على تبني هذا النهج .. فقبل نحو نصف قرن تقريبا، لم يكن لدى المجتمعات المحلية بنيبال حافز لحماية الغابات الجبلية المملوكة للدولة. لكن تحولاً في السياسة خلال العقدين الماضيين أدى إلى تفويض الإدارة وحقوق الاستعمال للمجتمعات المحلية، التي تحقق الآن استثماراتٍ مربحةٍ في إطار الغابات وتستفيد من منتجات الغابات الخشبية وغير الخشبية. ومن تم أصبحت هذه المجتمعات مهتمةً – وملتزمةً – على نحوٍ متزايد بإدارة غاباتها بصورةٍ مستدامة.
ومع ذلك فأن قوانين الجبال ما زالت غير معممة .. ولا يوجد في الوقت الحاضر إلا بضعة قوانين خاصة بالجبال في دول كفرنسا وجورجيا وإيطاليا وسويسرا وأوكرانيا تسمح بتطبيق أدواتٍ قانونيةٍ تركز بشكلٍ خاص على المناطق الجبلية، كما أن هناك بلداناً أخرى بصدد تطوير تشريعاتٍ مماثلة.
والأكيد أن الرصيد التشريعي في بلادنا في حاجة إلى إخراج قانون يتعلق بإحداث مجلس وطني للمناطق الجبلية وإحداث وكالات خاصة بالكتل الجبلية الرئيسية في أفق وضع استراتيجية جريئة وواضحة تراعي خصوصيات المناطق الجبلية، باعتبارها مجالا طبيعيا هشا.. يستدعي إعادة تأهيل على كل المستويات، مع إعادة النظر في التشريعات والقوانين المنظمة للمجال الغابوي.
وفيما يلي تغطية القناة الوطنية الأولى للحدث:
أضف تعليقاً