تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية موضوع يوم دراسي في البرلمان
احتضن مجلس المستشارين، يوما دراسيا، حول القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي، للغة الأمازيغية يوم الأربعاء 20 يناير 2016 تحت شعار “الأمازيغية مسؤولية ورصيد وطني مشترك لجميع المغاربة” .
ويأتي تنظيم هذا اللقاء الدراسي، في إطار تنزيل مقتضيات الدستور في فصله الخامس، وتفاعل مجلس المستشارين مع مبادرات المجتمع المدني المدافع عن الحقوق الثقافية واللغوية، ومنها مبادرة الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية التي تضم العديد من الإطارات التي تنشط في الحقل الثقافي الأمازيغي.
وقدشارك في هذا اللقاء، بالإضافة إلى البرلمانيين والقطاعات الحكومية المعنية، ممثلون عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتمثيليات عن مكونات النسيج الجمعوي الأمازيغي، وعدد من الجمعيات الحقوقية والثقافية.
من جهته شارك المستشار عبد اللطيف أعمو في اليوم الدراسي ب
كلمة باسم مجموعة العمل التقدمي، هذا نصها:
يطيب لي أن أساهم ، باسم مجموعة العمل التقدمي، بمداخلة بمناسبة احتضان مجلس المستشارين ليوم دراسي حول “القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية”.
هذا اللقاء الدراسي الذي اختير له شعار “الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة” والذي ولد أصلا في رحم الحركة الثقافية الأمازيغية ، ثم أصبح جزءا من الخطاب الرسمي ليذكرنا بأن على المغاربة جميعا أن يكونوا اليوم في خدمة ثقافتهم الوطنية وأن يدبروا إرثهم الثقافي والحضاري المشترك، من أجل إنجاح الانتقال الديمقراطي وإقرار دولة الحق والقانون عبر دمقرطة الثقافة واللغة وجعلها إرثا مشتركا لكل المغاربة بدون استثناء.
واعتماد شعار “الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة” يعني كذلك وضع برنامج لمأسسة الأمازيغية كملك عمومي والحرص على إدراجها في مجالات التعليم والإعلام والشأن المحلي والجهوي … وغيرها.
وباعتبار أن سن وإصدار القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية من الملفات والأوراش الوطنية الكبرى التي لا تستحمل المزيد من التأجيل.
فلا بد من التأكيد هنا بأن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يعني:
1) التزام الدولة التزاما صريحا وعمليا باستعمال هذه اللغة في جميع مؤسساتها وأنشطتها ومراسلاتها ووثائقها وتدابيرها.
2) التزام الدولة بتقديم الخدمات العمومية والخاصة الموجهة إلى العموم بمختلف المرافق والقطاعات الحكومية، وبمختلف الجماعات الترابية من سجلات ووثائق ومستندات ومراسلات باستعمال هذه اللغة في جميع مرافقها وخدماتها وسبل تواصلها، بما في ذلك في الاستقبال والتحرير والتوثيق…
ولا شك أن تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية قد يتطلب بعض الوقت لاتخاذ تدابير وإجراءات عملية في مستوى رهانات المرحلة. لكننا نشدد على أن هناك تدابير تمهيدية يمكن تفعيلها منذ الآن، انطلاقا من مقتضيات الدستور، ودون حاجة لترقب صدور القانون المنظم، وضمنها كل ما يتعلق بالتهيئ والتحسيس وجعل الأمازيغية مشهدا مألوفا لدى عامة المواطنين، بالترسيم الفعلي للأمازيغية في الفضاء العام كمرحلة تمهيدية.
وفي هذا الإطار، وبخصوص المؤسسة التشريعية، يتعين العمل بسرعة على إعداد جهاز لوجستيكي بالبرلمان لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية داخل المؤسسة التشريعية، من منطلق ضرورة تواصل المؤسسة التشريعية مع عموم المواطنين بلغتيهم الوطنيتين. ويمكن استعمال لغة معيارية للتواصل أو أحيانا بمختلف اللهجات (تشلحيت – تاريفيت – تمازيغت، …) بما أننا اعتمدنا لغة الصم والبكم في التواصل البرلماني خلال جلسات الأسئلة الشفهية.
ولا يخفى على أحد أن مجلس المستشارين، هو في طبيعته، امتداد للجماعات الترابية، ويمكنه الأخذ بزمام المبادرة في هذا المجال تفعيلا لمقتضيات القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية (الجهات – مجالس العمالات والأقاليم – الجماعات المحلية) بالتأكيد على اختصاصات الجماعات الترابية في مجال التنمية الثقافية والتعاون والشراكة، وخاصة النهوض بالثقافة الأمازيغية باعتبار أن جزء منها مرتبط بالخصوصيات الثقافية المحلية. كما يمكن للإدارات العمومية وللقطاع الخاص أن يأخذوا هذا المنحى منذ الآن.
وكمرحلة تمهيدية أولى يتعين الحرص على تعميم تأثيث الفضاء المادي العام، من خلال كتابة اليافطات والألواح الرسمية وأسماء المؤسسات العمومية والخاصة والمرافق والتشوير الطرقي … باللغة الأمازيغية المعيارية والصحيحة حتى يتأقلم المواطنون في حياتهم اليومية مع هذا المعطى.
وكمرحلة ثانية يجب الشروع في إعداد الإدارات والجماعات المحلية لمرحلة أكثر عملية تتمثل في تقديم الخدمات الفعلية للمواطنين عبر التواصل باللغة بالأمازيغية وجوبا .
فالإدماج الحقيقي والفعلي للأمازيغية في تدبير الشأن المحلي لا بد أن يتأسس على مقاربة تشاركية لتحقيق حكامة جيدة، لأنها مقاربة مجالية، وترابية تشرك الساكنة والمجتمع المدني في الحياة العامة، وفي وضع السياسة الجماعية ورسمها كمرحلة أساسية في الممارسة الديمقراطية.
فمن أجل إدماج الأمازيغية في تدبير الشأن المحلي يتعين الإسراع بإخراج القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية المُحدّد لشروط حمايتها وتأهيلها وعمليات إدماجها في المؤسسات العمومية بمقاربة ايجابية ومنفتحة ومستوعبة لروح الدستور وللمرجعيات الأساسية للبلاد، كالخطابات الملكية ، وضمنها خطاب أجدير في 17 أكتوبر 2001 والمبادرة إلى تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والتي منحت دفعة قوية للارتقاء بالثقافة الأمازيغية والنهوض بها كمكون أساسي من مكونات الهوية الوطنية.
كما يتعين إخراج القانون التنظيمي بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية إلى الوجود كآلية أساسية نحو تأكيد التعدد والتنوع الثقافي ببلادنا انطلاقا من مبادئ تدبير التعدد اللغوي والثقافي وأجرأته السياسية والقانونية والمؤسساتية، باعتباره من سمات سمو المجتمعات المعاصرة المنفتحة.
هذا بالإضافة إلى ضرورة تعميم تكوين المنتخبين المحليين وأطر الجماعات الترابية حول أهمية الثقافة الأمازيغية، وتأهيلهم في هذا المجال، ومراجعة الميثاق الجماعي الحالي والتنصيص على إدماج الأمازيغية في تدبير الشأن المحلي على غرار بعض القطاعات العمومية السباقة في هذا الإطار.
ويتعين تحديد موقع اللغة والثقافة الأمازيغيتين في مشروع الجهوية الموسّعة بعد وضع تصوّر واضح لمفهوم هذه الأخيرة، من خلال برامجها التنموية، وفي إطار تصور شمولي لتدبير التعدّدية اللغوية والثقافية، بشكل يوازن بين قطبي المعيارية والتعدّدية، ويقوي الوحدة واللحمة الوطنية، ويقدم نموذجا للتدبير الجهوي للحقوق وللامتيازات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، ويمنح رؤية لتدبير الثقافات المحلية والتراث المادي واللامادي للمناطق والجهات.
إن السياق العام والروح التي تطبع المرحلة، هي روح المصالحة مع الذات. وهو ما يجعل من تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية ورشا وطنيا ينبغي تدبيره بعقلانية وبوعي ديمقراطي. وهذا ما أكده جلالة الملك في أكتوبر 2001 حين صرح جلالته بأن الأمازيغية ملك لجميع المغاربة بدون استثناء وبالتالي لا يمكن اتخاذها مطية لخدمة أغراض سياسية كيفما كانت طبيعتها.
وهذا ما يتعين علينا ترجمته عمليا لنكون منسجمين مع روح الدستور . وإضافة إلى صياغة القوانين ونشرها بالجريدة الرسمية، يتعين تفعيلها وتنصيب المؤسسات المعنية بتدبيرها وتنفيذها وخلق هيئات لتقييم أداءها، وأجرأتها فعليا في الحياة العامة للمغاربة.
للاطلاع على نص المداخلة بصيغة PDF
كلمة السيد منسق المجموعة بمناسبة تنظيم اليوم الدراسي
حول “القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية”
أضف تعليقاً