أشغال اللقاء الجهوي للسيد رئيس الحكومة والوفد الوزاري المرافق له بأكادير
بمناسبة تنظيم اللقاء الجهوي للسيد رئيس الحكومة والوفد الوزاري المرافق له يوم السبت 06 أكتوبر 2018 ، بمقر جهة سوس ماسة، لدراسة عدد من الملفات الخاصة بإنجاز المشاريع المنبثقة عن البرنامج التنموي بالجهة في إطار تنفيذ البرنامج الذي وضعته الحكومة، والقاضي بتنظيم لقاءات تشاورية مع الفاعلين الإقتصاديين والسياسيين بمختلف الجهات، شاركت بمداخلة في الموضوع تطرقت فيها من خلال 5 محاور لأهم معيقات التنمية الجهوية.
وفيما يلي نص المداخلة كاملا:
مداخلة حول
إشكاليات التنمية بجهة سوس ماسة
السيد رئيس الحكومة المحترم،
السيدات والسادة الوزراء،
السيد والي جهة سوس ماسة، السادة عمال العمالات والأقاليم،
السيدات والسادة المنتخبون،
السادة مدراء المؤسسات العمومية،
السادة رؤساء المصالح الجهوية،
أيها الحضور الكريم،
– I –
لقد كانت جهة سوس ماسة إلى غاية سنة 2013 تعتبر القطب الاقتصادي الثاني المركزي بعد الدار البيضاء، بفضل حجم إنتاجها ونسبة مشاركتها في الناتج الداخلي الخام، ووفقا لنسبة مشاركتها في مداخيل الدولة وقدرتها على تعبئة مؤهلاتها الاقتصادية.
فتكونت خلال عقود منصة إقلاع اقتصادي حقيقية، تحمل آمالا عريضة وتلفت انتباه المستثمرين لما لها من قدرة على الجدب.
إلا أنه، وبصفة مفاجئة، ابتداء من سنة 2010، ما لبثت هذه القلعة تعرف تراجعا إلى درجة الانهيار، مما أدى إلى ضياع رأسمال لا مادي تكون عبر عشرات السنين، بجميع مكوناته المندمجة والمتكاملة والقادرة على تحقيق إقلاع جهوي حقيقي.
وهذا راجع إلى تراجع البنيات التحتية ، سواء القائمة منها أو التي هي في حكم الخصاص، وإلى تخلي الدولة عن استثمارها في المنطقة، وإلى عوامل أخرى لا يسمح المجال بذكرها.
مما أدى إلى فقدان وتلاشي ما تحصل من تجربة وخبرة مهنية ودراية حرفية مرتبطة بمجالات الاقتصاد الجهوي يصعب إعادة بناءه في زمن وجيز ، لأنه لا يستدرك في المدارس وحدها، بل هو قيم وعوامل أخرى يعتمد عليها في المنافسة الجهوية.
– II –
بدون شك، أنتم على علم بوجود عوائق كثيرة منها:
1- عوائق مرتبطة بمرتكزات الاقتصاد الجهوي:
إن الاقتصاد الجهوي يرتكز أساسا على الرافعات الثلاثة المتمثلة في القطاعات ذات الأولوية (الفلاحة – السياحة – الصيد البحري) (P.T.A).
ولا يجادل أحد اليوم في أن هذه القطاعات الرئيسية، تبدو عليها علامات الضعف بجلاء، بسبب ضيق أفق التطوير وتحسين المردود الذي تعاني منه هذه القطاعات، على مر العقود الأخيرة:
– فالفلاحة تواجه شبح شح المياه وضعف الموارد المائية وتقلص المساحات المزروعة المستغلة، وينتظرها بحزم رفع رهان الالتزام الجاد والمسؤول بخلق أنشطة ذات قيمة مضافة عالية وذات قدرة تنافسية وتتلائم مع التحديات المناخية ومع متطلبات الأسواق المستقبلة لها.
– أما السياحة من جهتها، فهي تعاني من ترهل وضعف مزمن في قدرتها التنافسية، وقد تفقد على المدى المتوسط والبعيد، مرتبتها كثاني قطب سياحي وطني، إذا لم تبادر إلى تجديد رؤيتها وتعيد التفكير في ماهية الوجهة السياحية الجهوية، وتراهن على دمج مختلف المنتوجات الثقافية والتراثية الجهوية، المادية منها والغير المادية والطبيعية، في تكامل متوازن يضمن تصميم منتوج جهوي متكامل ومنفرد، وما يتطلب إعادة هيكلة القطاع بشكل جذري .
– أما الصيد البحري، فهو يواجه من جهته مخاطر التدبير المستدام لاستغلال الموارد، بالإضافة إلى إعادة تمركز موانئ الصيد الواقعة جنوبًا، مع بروز فرص متاحة للاستثمار في قطاع تربية الأحياء البحرية، لكن الرهانات البيئية المرتبطة بهذا المجال تستحق المراقبة اليقظة، وتحريره من القبضة الحديدية التي يعاني منها، والتي حولته إلى قطاع ريعي .
2- عوائق مرتبطة بعصرنة القطاع الصناعي الجهوي:
قد تشكل الصناعة متنفسا ومصدرا للإلهام، إذا ما تعززت مكانة الصناعات ذات القيمة في الاقتصاد الجهوي، وتم التحفيز على التحول التدريجي والسلس من الصناعات الزراعية والتعدينية الملوثة إلى السعي نحو توطين علامات تجارية جديدة في قطاعات واعدة وناشئة كالتكنولوجيات الحديثة مثلا وفي مجالات الابتكار ودعم البحث العلمي، وجعل الجامعة فاعل محوريا وقوة اقتراحية في هذا المجال، مع استحضار توفير كل شروط وظروف التنافسية والمنافسة، باعتبار موقع الجهة وقلة تجهيزاتها الحديثة في مجال المواصلات، أو انعدامها كالسكك الحديدية والطرق الكافية .
3- عوائق مرتبطة بالتدبير المجالي:
التوزيع المجالي لسكان الجهة غير متكافئ، حيث نجد داخل المجال الترابي للجهة توزيعا متباينا بين مناطق ذات تركيز عالي للسكان (أكادير الكبير وسهل سوس) وأخرى هامشية تتميز بهجرة كثيفة للسكان .
وإذا كانت المنطقة المركزة للسكان وللنشاط الاقتصادي تبرر تخصيص الجزء الأكبر من مجهود الاستثمار، فإن المناطق الأخرى الأقل جاذبية تستدعي مقاربة جادة لإشكاليات الاستدامة و لحكامة وجدوى المشاريع الاجتماعية التي تستهدفها بشكل خاص بسبب ملامحها وبنيتها الديموغرافية.
والنتيجة تظهر جليا في صعوبة تحسين مؤشرات التنمية البشرية في غياب سياسات التمييز الإيجابي أو مبادرات للتكييف والتأقلم المحلي للسياسات القطاعية.
4- عوائق مرتبطة بالتخطيط الجهوي:
يتطلب التخطيط الجهوي تعزيز دور أكادير ورد الاعتبار إليه كقطب اقتصادي جهوي قوي، والذي عانى من تهميش قوي في المدة الأخيرة، مدعومًا ومعززا بدعم وتقوية بروز أقطاب فلكية إقليمية تنافسية وفاعلة داخل محيطها.
وهذا لن يتأتى إلا بتحفيز التكامل الاقتصادي بين أقاليم الجهة وبمعالجة التفاوتات الجهوية، ودعم التوسع الحضري للمراكز القروية الناشئة، والتي ستلعب دور صمام الأمان مستقبلا للحد من نزيف الهجرة القروية إلى المدن الكبرى (التي تؤدي حتما إلى تضخيم أحزمة الفقر حولها)، وربما أبعد من ذلك إلى ما وراء البحار…
إن تقوية إشراك الساكنة المحلية في العمل التنموي شرط أساسي في وضع التنمية الجهوية في سكتها الصحيحة، وهذا لن يتم إلا بتعزيز طابع الحرفية والمهنية الفائقة لدى مكونات المجتمع المدني، كشريك محوري في العملية التنموية، وتقوية قدراتها البشرية والمالية.
ويشكل الاستثمار العمومي رافعة قوية في الاقتصاديات الجهوية الصاعدة، وهنا يتعين دعوة الاستثمار الخاص المحلي إلى مزيد من الالتزام والتعبئة لكي يلعب دور المصاحب الجاد والمسؤول للتدخل العمومي.
وعلى المستوى الاجتماعي، هناك حاجة إلى إيلاء الأهمية القصوى للمشاريع الهادفة إلى الرفع من مؤشرات التنمية البشرية، وأن تستهدف في المقام الأول الجماعات الترابية الأقل حظا وتأهيلا، بجانب الاهتمام بهوامش المدن وبالمناطق الهامشية التي تشكل أطراف الجهة.
5- عوائق مرتبطة بتدبير إشكاليات التكوين والتشغيل:
إن إشكاليات التكوين وخلق فرص الشغل تمثل التحدي الأكبر على الصعيد الجهوي، حيث ظلت جهة سوس ماسة لعقود في مستوى المعدلات الوطنية بالنسبة للتشغيل أو البطالة، دون أن يتمكن الاقتصاد الجهوي من توفير فرص أكبر للرفع من مؤشراته.
وهو مؤشر دال على طغيان الطابع الموسمي أو غير المستقر وهيمنة العمالة الجهوية غير المهيكلة، فضلاً عن الصعوبة الكامنة في عدم قدرة الجهة على الحفاظ على مناصب الشغل المكتسبة عبر عقود، إضافة إلى ضرورة سعيها لخلق المزيد من فرص الشغل في قطاعات ومجالات جديدة وواعدة.
عبد اللطيف أعمو
ونورد أسفله، تغطية “مشاهد” للحدث
وللإطلاع على نص المداخلة تحت عنوان:
إشكاليات التنمية بجهة سوس ماسة
أضف تعليقاً