الحوار الوطني حول التكوين والتشغيل جهويا: أي مسار؟
في إطار التحضير للملتقى الوطني حول التشغيل والتكوين، احتضنت قاعة الاجتماعات بولاية أكادير، على غرار العديد من الجهات، الملتقى الجهوي للتشغيل والتكوين بجهة سوس ماسة يوم الإثنين 11 مارس 2019.
اللقاء نظمته ولاية جهة سوس ماسة ومجلس الجهة برئاسة السيد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد والي جهة سوس ماسة، السيد رئيس مجلس الجهة، السادة عمال أقاليم الجهة، و بحضور السادة رؤساء المجالس المنتخبة، ورؤساء المصالح الخارجية وممثلي الغرف المهنية والمجتمع المدني، وخبراء و مختصين في المجال وفعاليات المجتمع المدني والمنابر الإعلامية المحلية، الجهوية والوطنية.
وهي مناسبة لعرض بعض الأفكار التي نراها مناسبة لرفع تحديات التشغيل وبسط إشكاليات التكوين، خصوصا في ارتباطها بجهوية التشغيل.
وقد تناولت في كلمة مقتضبة أثناء فتح باب النقاش، نقطا تهم التداريب ونظام “الجسور” ومساهمة القطاع الغير المهيكل، مع أنه سبق لي أن تطرقت للعديد من الجوانب المرتبطة بمجال التكوين والتأهيل بالتفصيل في أكثر من مناسبة، أوردها صحبة هذه المادة الإخبارية للاستئناس:
ولقد حاولت بادئ الأمر مقاربة إشكالية التداريب، والتي تتوخى نظريا ضمان الاستفادة من الخبرات المهنية التي يوفرها التدريب لتطوير القدرات العلمية للطالب. فكل شعبة في التكوين تضم وحدتان أساسيتان: وهما مشروع التخرج والتدريب الخارجي بالمقاولة، حيث يشكلان صلة وصل بين ورش التكوين داخل المعهد والمقاولة.
لكن الملاحظ هو عدم ملائمة التداريب المهنية لحاجيات المتدربين ولمتطلبات المقاولة، حيث أن غالبية التداريب تبقى صورية وسطحية، تتوج فقط بتقرير مكتوب، غالبا ما يملأ الرفوف، في غياب التأطير البيداغوجي والمهني وضمان المتابعة والمراقبة المنتظمة لنشاط المتمرن (ويلاحظ هذا بشكل خاص في قطاع الفندقة والسياحة). مما يؤدي إلى تدني الخدمات وغياب التحفيز على الأداء الجيد، وفقدان القيمة العملية والمهنية للتداريب بوجه عام.
كما تطرقت بعجالة لنظام الجسور passerelles الذي يعني الانتقال بين التكوين المهني والجامعة والدراسة المختلطة بين التكوين والمدرسة العمومية، شريطة تقوية التواصل والتنسيق وتوحيد الأجندات الدراسية، لأن من الأهداف المثلى للتربية والتكوين تمكين المواطنين من التنقل بحرية من بيئة تعلم وتكوين إلى أخرى، أو من وظيفة إلى أخرى، أو من جهة إلى أخرى، من أجل الاستفادة المثلى من معارفهم ومهاراتهم. ولم يعد اليوم من معنى للمعرفة دون ربطها بالعمل. ولا معنى للعمل ما لم يتم مواكبته بمعرفة محيّنة، وبتمكّن من منطق التكنولوجيا الحديثة…
وفي حديثي عن القطاع الغير المهيكل، اعتبرت أنه لا يمكن تصور تأهيل حقيقي لمجال التكوين المهني دون إدماج قطاع يشغل قرابة 3 مليون شخص، ويمثل 21 % من الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي، ويكلف الدولة خسارة تقارب 40 مليار درهم سنويا.
والقطاع الغير المهيكل مرتبط ارتباطا وثيقا ببعض الحرف والمهن التي تدرس بالتكوين المهني، ويتعين تمكين المشتغلين في هذا القطاع من تكوينات مؤهلة، من أجل منحهم فرصة الاندماج في القطاع المهيكل وتثمين خبراتهم ومداركهم العملية والمهنية المكتسبة.
فلقد طالبنا غير ما مرة بضرورة خلق شراكات بين مختلف القطاعات والتكوين المهني، وهو ما ركزت عليه الرؤية الجديدة، خصوصا في خلق شعب هدفها تكوين كفاءات في اختصاص صيانة المعدات الطبية، التي تشكل إحدى أهم إشكالات القطاع الصحي بالمغرب، أو من خلال الالتفات إلى القطاع الغير المهيكل بالمغرب، وتكوين المشتغلين فيه لمدد قصيرة.
كما تناولت من جهة أخرى ضرورة تكثيف العمل التشاركي بين المؤسسات الجامعية ومعاهد التكوين وفضاء المقاولة.
وكان بودي التطرق كذلك للبعد الجهوي للتشغيل والتكوين باعتبار التوجه العام لدى العديد من الدول النموذجية في هذا المجال يميل إلى تدبير أحواض اليد العاملة BASSINS D’EMPLOI من منطلق جهوي، باعتبار أن سياسات التشغيل تدبر وتنفذ وتنطلق أساسا من الجهات، التي تضع مخططاتها وفق سياستها الاقتصادية وتوجه استثماراتها وفقا لذلك، وتضع خططا تكوينية ملائمة وفق طموحاتها، بتنسيق مع الغرف المهنية ومراكز ومؤسسات التكوين ومع أرباب العمل. وهي تحاسب من هذا المنطلق وفقا لأدائها وإنجازاتها في أفق الدفع بالجاذبيّة الجهويّة، وطنيا ودوليا، نحو الأفضل.
فالجهوية المتقدمة، معناها الحقيقي أن تنزل السلطات الترابية إلى الميدان وتحتك بالممارسة العملية، بمشاركة من المديريات الجهوية، وتحفز مجالس الجهة والأقاليم لإبرام اتفاقيات محلية بين معاهد ومؤسسات التكوين المهني والمقاولات المحلية.
فالإجماع حاصل اليوم على أهمية الجهوية في مجال التكوين المهني، حيث من المفروض أن يستجيب التكوين لحاجيات المقاولات المحلية عبر توفير يد عاملة قادرة على العطاء والإبداع ورافعة للقدرة التنافسية، في ظل فضاء ترابي متحكم في مؤشرات حوض اليد العاملة، وهو معزز برقمنة القطاع العمومي،حيث تغطي معاهد التكوين المهني الخاصة بالإعلاميات والتكنولوجيا الحديثة مختلف أقاليم الجهة.
لقد أصبح التكوين والتأهيل رهانا قويا وحلقة مركزية في كل البرامج والاستراتيجيات التنموية. كما أصبحت البطالة تحديا يتطلب التجنيد لمواجهته بحزم وشجاعة.
وفي أفق استشراف الحلول الكفيلة بإدماج الموجودين داخل وخارج منظومة التكوين، بجانب وضع استراتيجية إرادية لتحقيق التكامل مع اعتماد التدبير الحكيم والمنفتح، دون إغفال البعد الجهوي وانخراط الفاعلين الجهويين، سأحاول التذكير بمقاربة أهم الإشكاليات المطروحة في بعض المحطات، التي نوردها أسفله تعميما للفائدة
(وللاطلاع على النصوص الواردة أسفله، انقر فوق كل صورة على حدة)
تناولت مداخلتي بمناسبة الجلسة الشهرية لتقديم “أجوبة السيد رئيس الحكومة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة” حول محور “تحديات تأهيل الرأسمال البشري” في 18 دجنبر 2018 الاستثمار في الرأسمال البشري، من خلال: الرفع من قدرات الموارد البشرية والاهتمام بالرفع من إنتاجية الرأسمال البشري، مما يعود بالنفع على الفرد، فيمكنه من تحقيق الرضا الوظيفي، فيعود بالنفع على الجماعة، من خلال الرفع من معدلات الإنتاج بالتعاون مع باقي أفراد المجتمع، بجانب تمكين الرأسمال البشري من الخبرات والمدارك: من خلال تسليح الموارد البشرية بسلاح الخبرة الفنية والمعارف العلمية والتنظيمية المرتبطة بمجالات تخصصهم، والاستثمار في تكوين خبراء متخصصين يتولون مهام التكوين والتكوين المستمر…
تناولت مداخلتي بمناسبة أشغال اللقاء الجهوي للسيد رئيس الحكومة والوفد الوزاري المرافق له في 6 أكتوبر 2018 حول إشكاليات التنمية بجهة سوس ماسة في أحد نقطها العوائق المرتبطة بتدبير إشكاليات التكوين والتشغيل، باعتبار أن إشكاليات التكوين وخلق فرص الشغل تمثل التحدي الأكبر على الصعيد الجهوي، حيث ظلت جهة سوس ماسة لعقود في مستوى المعدلات الوطنية بالنسبة للتشغيل أو البطالة، دون أن يتمكن الاقتصاد الجهوي من توفير فرص أكبر للرفع من مؤشراته. وهو مؤشر دال على طغيان الطابع الموسمي أو غير المستقر وهيمنة العمالة الجهوية غير المهيكلة، فضلاً عن الصعوبة الكامنة في عدم قدرة الجهة على الحفاظ على مناصب الشغل المكتسبة عبر عقود، إضافة إلى ضرورة سعيها لخلق المزيد من فرص الشغل في قطاعات ومجالات جديدة وواعدة.
بمناسبة مناقشة مشروع قانون رقم 60.17 يتعلق بتنظيم التكوين المستمر لفائدة أجراء القطاع الخاص تناولت مداخلتي في المناقشة العامة للمشروع خلال شهر مارس 2018 الإخفاقات والتحديات والرهانات المستقبلية في مجال التكوين المستمر.
وفي الورقة الثانية، تطرقت لنماذج من آليات مساهمة القطاع الخاص في الدول المتقدمة في التدريب المهني والتقني، حيث تشترك جميع الدول ذات التجارب الناجحة في التربية والتكوين والتدريب المهني والتقني في أن دور الحكومة لا يتعدى التخطيط و الإشراف والمشاركة في التمويل.
كما كانت الجلسة الشهرية المخصصة لتقديم أجوبة السيد رئيس الحكومة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة في 7 يونيو 2017 حول محور: نجاعة سياسة التشغيل ومحاربة الفقر وحماية القدرة الشرائية للمواطنين فرصة لبسط التحولات الهيكلية العميقة التي يعرفها المغرب، بجانب التطرق لبعض مميزات ضعف انتاجية سوق الشغل وبسط بعض الملاحظات حول التحولات في مجال الشغل (القطاع العمومي والخصوصي) في أفق عام 2040 ؟
أضف تعليقاً